التسميات

20 مارس 2009

الانكماش اليمني


* محمد الحكيمي
تبدو الصورة اليوم ضبابية للغاية . اليمنيون مكتئبون الآن ، وربما يحق للجميع أن يشعر بالذعر حيال ما ستؤول إليه الأمور جراء الأزمة المالية
العالمية التي أيقظت الواقع اليمني على عجز مالي خطير في الموازنة العامة للدولة . لعل التخوف الكبير سينتج عن عدم الانصياع لتنفيذ سياسة تخفيض النفقات التي انتهجها الحكومة منذ قرارها خفض ميزانية الدولة 50 % .
لقد أعترف وزير المالية نعمان الصهيبي بشكل واضح ، وقال بأن واقع الاقتصاد اليمني مرير للغاية نتيجة الآثار السلبية للازمة المالية العالمية ، وهو ما يبعث على أن الغد سيكون محفوفاً بالمخاطر .
في الأسبوع الفائت ، بدت تتشكل أولى نتائج قرارات التقشف ، فالاحتجاجات الشفوية التي أطلقها الموظفون الحكوميون كانت تذمراً طبيعياً نتيجة خفض أجورهم الإضافية . وعلت أشكال تلك الاحتجاجات في عدد من المؤسسات الرسمية ، لعل ما هو هام هو حصة المؤسسات الإعلامية التي كانت أكثر المتأثرين بذلك نتيجة خفض ميزانياتها لمستوى النصف .
أكثر من خمس مؤسسات إعلامية كبرى تابعة للحكومة أعلنت الأسبوع الفائت حالة التعثر ، مؤسسة الجمهورية للصحافة والنشر في تعز أوقفت إصدار4 ملاحق صحافية كانت تطل على قرأها أربعة أيام في الأسبوع ، وأغلقت مكتباً لها في لحج ، وأغلقت مؤسسة 14 أكتوبر ثلاثة فروع لها في ثلاث مدن إغلاقا نهائياً، وحذت على تلك السياسات بقية المؤسسات بخفض المستحقات والتوقف عن إنتاج مشاريع جديدة .
صحيح أن الأمر برمته نتاج أزمة أصابت الجميع ، غير أن ثمة أمر لم تدركه الحكومة وهو أن الدور الإعلامي له تلك الخصوصية الاستثنائية عن بقية مؤسسات الدولة .
تخيلوا حجم النتائج التي ستحصد نتيجة ذلك ، أكثر أسباب الضعف اليمني فيما يخص اقتصادنا الهزيل تصنف دائماً باعتباره ضعفاً ناتجاً عن تقديم اقتصادنا بصورة متباينة أمام العالم ، بل أننا عاجزين تماماً عن الحديث عنه ضمن الاقتصاديات الآمنة ، صحيح إن الأمر بعيد جدا في جر هذه الجزيئية فيما يخص الإعلام .
غير أن الأمر يتطلب حضوراً إعلامياً أكبر من حجم الاقتصاد الفعلي ، ( تماماً كما فعلت تجربة دبي عندما بدأ آل مكتوم الترويج لشيء من لا شيء ) لا أن يكون خافتاً كما هو عليه الآن .
منذ زمن ونحن نتحدث عن امتيازاتنا بشكل ناقص ، و نعمل على الترويج لكل الأمور بصورة غير واضحة . ما من شيء نقترب منه الآن كي نثير انتباهه ، مشكلة البلد في ظل أزمة مالية تتطلب جهداً في جذب رؤوس الأموال و الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، يتطلب الأمر تنفيذ مشاريع بنية تحتية تقوى على جذب انتباه الكثير غير أن ذلك كله يتكئ اتكاءً كليا على سلطة الإعلام .
لن يأتي أحد إلا إذا ما قامت مؤسسات الإعلام بالمبادرة لذلك. ينبغي علينا أن لا نغفل أمراً كي نصل إلى أمور عدة ، ثم أننا سنظل منكمشين إلى الداخل أكثر من انفتاحنا على الخارج . حتى اللحظة .. لسنا قريبين جداً .
* نشر في صحيفة ( مال وأعمال )- وموقع الاستثمار نت 9/ 3 / 2009 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق