التسميات

18 نوفمبر 2009

لماذا يبدو كـعدو للصحافة .!؟

حسن اللوزي وزير الاعلام اليمني | الصورة: وكالة سبأ.
لا يحب معظم الصحفيون اليمنيون حسن اللوزي وزير الإعلام ، ولكل صحفي قناعة رفض خاصة تجاه هذا الوزير . وبالعودة للوراء قليلاً سيتذكر الصحفيون أن حسن اللوزي كان أكثر من عمل على حياكة قانون الصحافة اليمنية الذي يطيح بسجل الحريات ، وهو ما يقود إلى القول أن المتسبب الأول في إجهاض حرية الصحافة اليمنية هو شخص واحد فقط هو وزير الأعلام.لعل ما يبدو غريباً وغير متخيل ، هو أن الوزير ما يزال منهمكاً على تقديم نفسه كأحد شعراء الحداثة ، فهو حريص على كتابة القصائد التي ينشرها في كل خميس على أسبوعية (26 سبتمبر) ، وما من شاعر على هذه الأرض يكتب شعراً ويحارب الحرية.لننسى أن الرجل شاعر ، فكاتب الشعر ببساطة هو عاشق للحرية ولايستطيع العيش عكس ذلك.

26 أكتوبر 2009

لطف الصراري : ينقص الصحافة في اليمن قيادة سياسية غير متوترة



يتحدث الزميل والكاتب لطف الصراري وهو مدير تحرير صحيفة ( حديث المدينة ) الصادرة من تعز، ببساطة عميقة سرعان ما تشد الانتباه ، وهو من ألقلائل الذين يملكون لغة فخمة بالرغم من انتزامها بطبيعة الأعراف المهنية ، في مضماري الصحافة والأدب . فليس بمقدور أي صحافي متمرس ، الدخول في كتابة نص أدبي لمجرد المجازفة ، وربما احتمل الأمر العكس ذاته ، وبعيداً عن امتلاك البعض لتقنيات السرد واللغة ، ومهارات الكتابة في مضمارين مختلفين ، يبدو الصراري ( 34 عاماً ) شخصاً لايحب المقارنات . وفي نهاية الأسبوع الفائت ، كان الصراري متواجداً في العاصمة صنعاء ، للاحتفاء الذي أقيم من أجله في حفل توقيع مجموعتة القصصية الأولى : ( كمن يدخن سيجارة طويلة بنفس واحد ) والذي نظمته مؤسسة العفيف الثقافية ، وقد تحدث الزميل لطف الصراري لمحمد الحكيمي عن رؤيته الشخصية للكتابة ، وعن ما ينقص الصحافة في اليمن وأشياء أخرى..هذه مقتطفات :
ما بين عملك كصحفي وكاتب نصوص أدبية .. أين تجد لطف الصراري أكثر ؟

15 سبتمبر 2009

الأزمة التالية للبلاد ..!؟

* محمد الحكيمي
كان الجميع متفائلون قبل شهور ، ثم لم يعد ثمة مراهنون الآن على أن المحطة الغازية التي يجري إنجازها ستضيء كل هذا الظلام الجاثم منذ أكثر 48 عاماً .
كل الحكومات اليمنية تقريباً لم تستطع منذ قيام الجمهورية وحتى اليوم العمل كبقية العالم من أجل توفير الخدمات الأساسية التي أضخت في ذمة التأريخ الآن .
الكهرباء مثلاً أثبتت فشل الإدارة اليمنية بامتياز ، وما من حل مجد يملكه وزير الكهرباء ، غير الوعود المطاطة التي لا تنير . وربما كانت اكبر الوزارات فشلاً هي الكهرباء دون تجاوز .

01 سبتمبر 2009

الشيباني : الكاركتير يفقد الصحافة جزء من الغنائم التي تسعى إليها


لا يجيد كل رسامو الكاركتير الحديث بعمق ، بيد أن المبدع ورسام الكاركتير ريان الشيباني يتحدث بصورة جذابة ومقنعة عن ما يقوم به لدرجة شد الانتباه ، وهو أمر يندر مصادفته في الوسط الصحافي ، فالشاب الذي يعمل رساماً للكاركتير في صحيفة ( حديث المدينة ) ، يحترف رسم اللوحات التشكيلية ببراعة و يحترف الكتابة ، وهو الآن متحمس جداً لإدارة موقع ( المستشار نت ) الخدمي . وربما كان ذلك مبرراً كافياً لتضاءل المنتمين لهذا الحقل . فالواقع المهني لفن الكاركتير في اليمن رديء للغاية ، وربما يصعب إقناع أية صحيفة بأهمية تخصيص مساحة ما لهذا الفن الهام والذي يكاد ينقرض وهو في طريقه إلى ذلك .. وقد تحدث ريان الشيباني إلى ( محمد الحكيمي )عن واقع الكاركتير ومدى تأثيره وأشياء أخرى .... مقتطفات:
يستطيع الكاريكاتير إختزال الكثير من الكلام الذي نريد التعبير عنه، وبشكل مقنع وناقد، الى حد السخرية أيضاً.. ما لذي تود قوله ريشة ريان؟
.. أنا لا أميل كثيراً لتجربة الفن الكاريكاتوري بمعناه المجرد، في العام2006أقمت معرض تشكيلي يمزج بين التجربة الكاريكاتورية ولكن بترميز ثقافي مختلف، لا يوصل الفكرة الكاريكاتورية بشكلها المنفرد، بقدر ما تحمله فكرة إقامة المعرض من تهكم وسخرية، حيث أقمته في بيت شعبي استأجره صديق لي، ولكن الكاريكاتور بصورة عامة هو ذاكرة الناس الشعبية، وحالة توثيق انطباعية آنية، قد لاتجد الفرصة للبقاء، إذا لم تجد من يصطادها، ولهذا يكون الفنان الكاريكاتوري في أحسن حالاته، صياد ماهر.

25 أغسطس 2009

البكاري : نحن فريق نقابي غير منسجم

حمدي البكاري | تصوير: محمد الحكيمي.


من غير سابق إنذار أعلن الزميل حمدي البكاري رئيس لجنة الشئون القانونية وشئون المهنة بنقابة الصحفيين اليمنيين ، استقالته من رئاسة اللجنة التي كان يرأسها لسبب أو سببين ، غير أنه بدا حريصاً ومترفعاً للغاية عن الإشارة بأصابع الاتهام نحو من قاده لاتخاذ قرار الاستقالة ، فليس بمقدور أحد إدانة نفسه ، غير أن الرجل كان صادقاً كفاية كي يقول للجميع أنه لم يقم بشيء ، وبعيداً عن الأسباب التي قادت البكاري لتقديم استقالته ، فإن الموقف الذي قام به الرجل يحسب له بجدارة ، ذلك أننا في بلد يندر فيه المتصالحين مع أنفسهم . . وقد تحدث حمدي البكاري إلى ( مدونة محمد الحكيمي ) عن أمور هامة كانت كفيلة بإماطة اللثام عن ما يعتمل داخل الكيان النقابي الأبرز في اليمن . . إليكم مقتطفات :
نتحدث أولاً عن آخر المستجدات في نقابة الصحفيين .. وهي شائعة استقالة حمدي البكاري من رئاسة اللجنة القانونية .. ما الذي حدث بالضبط ؟
فعلاً , قدمت استقالتي من رئاسة اللجنة القانونية وشئون المهنة ، قبل ايام ، وذلك لأسباب كثيرة ، وأتمنى أن يقف مجلس النقابة أمامها في محاولة لإجراء إصلاح حقيقي وفاعل .

قلت أنك قدمت استقالتك لأسباب كثيرة .. ما هي تلك الأسباب ؟
من الصعب اجمال الاسباب ولكنها مرتبطة بالأداء العام للنقابة الناجم عن خلل داخلي مثل تداخل الاختصاصات وانعدام المؤسسية ، واتخاذ قرارات متناقضة أحيانا وعدم تنفيذ البعض الاخرى وبصورة عامة غياب رؤى تحديثة

23 أغسطس 2009

جون مارتي : المدنيون يجبرون على الفرار من صعدة


يوجد في اليمن آلاف النازحين داخل البلاد حيث تفاقمت الأوضاع الإنسانية خلال الأيام القليلة الماضية بسبب اندلاع الاقتتال مجددًّا في محافظتي "صعدة" و "عمران". وقد تحدث السيد "جون نيكولا مارتي"، رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن، في هذا الحوار عن أوضاع الأشخاص النازحين هناك ، لرئاسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر.. نص الحوار :
ما هي الأوضاع الراهنة في "صعدة" والمناطق الأخرى المتضررة من الاقتتال في شمال اليمن؟
تصاعدت حدة المواجهات المسلحة خلال الأسبوعين الماضيين ولا تزال مستمرة حتى اللحظة.

18 أغسطس 2009

عايش يتحدث عن أسوأ ما في الصحافة اليمنية


الزميل الصحفي محمد عايش | تصوير: كريمة الصهيبي.
يمضي الزميل محمد عايش ( رئيس تحرير موقع الشورى نت ) باتجاه العمل على منوال مهني رفيع للغاية ، ومنذ توليه العمل في صحيفة الشارع قبل عامين ، أستطاع مدير التحرير ذو المهنية العالية ، أن يكون كاتب أهم التحاليل الإخبارية دون تجاوز، وبعد تسلمه منصب رئيس التحرير التنفيذي لمجلة ( أبواب ) الشهرية ، أضاف عايش للصحافة اليمنية نوعاً من المهنية الجادة في تناول المسكوت عنه ، والتي تحسب له في ثلاثة أعداد متوالية أشرف على تحريرها من ( أبواب ) ، ويبدو عايش هادئاً هذه المرة على غير عادته ، فيما يشبه الاستعداد لتجربة مفاجئة للصحافة اليمنية على حد سواء . وربما كان الحديث مع عايش يشبه الخوض في مغامرة رصينة .. تتطلب الاستعداد لذلك .!! وقد تحدث عايش من مكتبه بصنعاء لـ ( مدونة محمد الحكيمي ) عن شئون هامة في الوسط وعن أسؤ ما في الصحافة اليمنية وأشياء أخرى .. هذه مقتطفات :
الصحافة هي المهنة التي تقوم على جمع المعلومات وتحليل الأخبار والتحقق من مصداقيتها ، قبل تقديمها للجمهور .. هل يحدث هذا الامر في اليمن ؟

14 أغسطس 2009

قبل رحيل آخر اليهود اليمنيين

الحاخام يحي يوسف، زعيم طائفة اليهود باليمن - تصوير: جميل سبيع

* تقرير: محمد الحكيمي
كان الحاخام يحي يوسف، زعيم طائفة اليهود اليمنيين، يتحدث بمرارة في حلقة نقاش نظمتها منظمة التغيير قبل يومين في صنعاء، عن تزايد التهديدات التي يتعرض لها أبناء الطائفة اليهودية في البلاد، وكان عشرات اليهود اليمنيين الذين قدموا من محافظة عمران يومها، يحملون جوازات سفرهم وهم يودعون أسرهم استعداداً للسفر ومغادرة البلاد.
ربما كان هذا المشهد كافياً لاستنتاج ما سيتعين على الحاخام يوسف أن يقوم به وهو: حماية باقي أبناء أولى الديانات السماوية في اليمن. ويبدو أنه قد قام بكل ما يمكنه القيام به لحماية طائفته، ولم يبق أمامه عير خيار التهجير، من خلال ترحيل البقية الباقية من اليهود المقيمين في اليمن، صوناً لأعراضهم التي يستبيحها أشقاؤهم المسلمون، فالسلطة غير مكترثة لمشاكلهم، ورجال الدين لا يحبذون الحديث عن التسامح الديني في المساجد على الإطلاق!

03 أغسطس 2009

الـجــديــرة بالـذكــر في ذكراها التاسعة



ربما كانت الأغاني الوحيدة المنسية والغائبة في سجل التراث اليمني ، هي أغاني الفنانة اليمنية الراحلة عفراء هزاع، أو "عوفرة حازة" كما يناديها العالم كله ، ذلك أن تراثها الغنائي ظل حتى اليوم منسياَ في اليمن ، كونها لم تبدأ تجربتها الفنية فيه ، في حين أن المزاعم التي تبرر نسيانها محلياً لكونها يهودية الديانة. تظل تظليل محض.
الحديث عن "عفراء هزاع" يعني الحديث عن الأغنية الشعبية اليمنية أكثر مما يعني الحديث عن مطربة عالمية برزت من عائلة يهودية يمنية هاجرت قديماً إلى إسرائيل. فعشق اليمن وتراثها الفني وبساطة الحياة كانت من العوامل الرئيسية المؤثرة التي رافقت عفراء في نشأتها حتى أصبحت رمزا للنجاح غير المتوقع في أوساط الجالية اليهودية من ذوي الأصول اليمنية، ولعل تأثرها وحبها لأصولها اليمنية مكنها من الانتشار في الشرق الأوسط والعالم على حد سواء.
ولدت عفراء حسن يحي هزاع في 19 نوفمبر 1959 في حي (هاتيكفاه) الفقير في تل أبيب وكانت الابنة الصغرى بين 9 أشقاء لعائلة يهودية من أصل يهودي كانت قد هاجرت إلى إسرائيل عام 1948، عانت عائلتها من الفقر المدقع في وسط الحي الذي وصف بالفقر في تل أبيب لكنها تجاوزت المحن التي رافقتها بالغناء، في سن الثانية عشرة انضمت إلى فرقة مسرحية يديرها (بيتسليل ألوني) الذي فوجيء بموهبتها الغنائية المميزة وقد سلط الأضواء في العديد من أعماله حولها ثم أصبح فيما بعد مدير أعمالها ومستشارها الفني، وفي الـ 19 من العمر أصبحت عفراء (أميرة أغاني البوب) في إسرائيل وقد وصفها النقاد آنذاك بلقب (مادونا الشرق) .
في العام 1979 انتهت عفراء من خدمة التجنيد في إسرائيل وغدت بعدها جاهزة للانطلاقة كمطربة مستقلة تقدم الفن الجميل، كان الجميع في إسرائيل باسم (عوفره حازة)، طرحت أول ألبوماتها في العام 1980، والذي حمل إسم (عن حبنا) وقد تصدر الألبوم قائمة المبيعات في إسرائيل حينها، كونه كان يشكل بطاقة تعريف بعفراء في إسرائيل، وخصوصا أغنية (المستضعفة) وقد كتبت في فيلم لعبت فيه عفراء دور البطولة لكن الإذاعة الإسرائيلية رفضت بث هذه الأغنية بسبب كلماتها الصريحة بالرغم من تصدرها قائمة الأغاني لمدة خمسة أسابيع.
خلال عامين طرحت عفراء ألبوميها الثاني والثالث وقد حظيا بنجاح باهر لدى الجمهور وحظيت عفراء بامتياز خاص لدى كتاب الأغنية المشهورين في إسرائيل لكنها لم تكتف بالنجاحات الداخلية فقط حتى صعدت إلى مستوى جديد من النجاح والشهرة، فتمكنت من المنافسة في مهرجان الأغنية الأوروبية (اليورو فجين) وحازت على المركز الثاني بقوة في أغنية (حي) وقد حققت أعلى مستوى مبيعات في إسرائيل حتى اليوم وطرحت بعدة لغات منها العربية حتى ترشيح عفراء كأجمل صوت نسائي لأربع سنوات.
كانت عفراء تطرح ألبوماتها المتوالية متضمنة أغاني لكبار كتاب الأغنية في إسرائيل وخلال مسيرتها الفنية طرحت أكثر من 40 ألبوما غنائيا و28 فيلما ومسرحية.
لعل نقطة التحول الكبرى في تاريخ عفراء كانت مجموعة من الأغاني الشعبية اليمنية التي حملت عنوان (أغاني اليمن) في العام 1984 ولعلها الأكثر حبا لملايين المستمعين في العالم وهي تحظى بمكانة الأفضل عالميا من حيث المبيعات وقد تميز هذا الألبوم بتقديم الآلات الموسيقية الشعبية اليمنية، ومجموعة من الأغاني التي كتبها الحاخام (سالم الشبزي) وقد منحت عفراء العديد من الجوائز العالمية والاسطوانات البلاتينية تقديرا لهذا الألبوم.
أثارت عفراء جدلا واسعا في العالم بصورة متوالية وكانت إذاعة kcrw-fm قد أجرت حوارا مع عفراء في 1993 وتحدثت آنذاك عن والديها اليمنيين وعن طفولتها وعشقها للأغاني الشعبية اليمنية وحول ردها عن مشوارها الفني تحدثت عفراء عن الفقر وتجاهل حكومات إسرائيل لحيها الفقير وكيف نجح أهالي هذه المنطقة عن طريق الاحتجاج من قلب الأمور.
إن تميز عفراء عالميا جاء مرافقا لنجاح أغنية (إيم ننعيلو) وهي أغنية من التراث اليمني من كلمات الحاخام الشبزي (اليورو فيجين) وتصدرت قائمة الأغاني الأوروبية وعرضت على شاشة قنوات إم تي في حول العالم.
هذه الأغنية أعيد إصدارها عدة مرات وأصبحت المفضلة في صالات الرقص في إوروبا وأمريكا حتى أنها تربعت عرش الأغاني في ألمانيا لتسعة أسابيع.
كل هذا النجاح دفع عفراء لتقديم أغاني سحرت العالم للمرة الثانية تحمل نفس الطابع اليمني مثل أغنية (الدودحية) و(قلبي) حتى حازت عفراء على جائزة (غرامي) وتحديدا عن أغنية (الدودحية).
غنت عفراء أمام العالم باللغة العربية التي تحمل اللهجة اليمنية وكذا بالإنجليزية والفرنسية أما بالنسبة للعبرية كان ألبومها الذي يحمل إسم (روحي) أول ألبوماتها باللغة العبرية في العام 1994 وقد تضمن أجمل أغاني عفراء (بامتداد البحر)، هذه الأغنية تحولت بعد ذلك إلى النشيد الوطني بعد أداء (عفراء) لها في الحفل التأبيني لرئيس الحكومة الإسرائيلية إسحق رابين، الذي أقيم بعد أسبوع من اغتياله.
إلى ذلك أقدمت عفراء على إعادة إنتاج أفضل ألبوماتها (أغاني اليمن) بصورة عالمية وكذا (معبد الحب) و(لهذا السبب يقع الناس في الحب) وأشركت مجموعة من المطربات والمطربين العاليمين أمثال (توماس دولفبي) في أغاني اليمن، و(إيجي بوب) في (الدودحية) و(امنحوا السلام فرصة).
في نهاية 1998 انظمت عفراء إلى الفنان الباكستاني (علي أكبر خان) لإنتاج ألبوم (دورة الصلاة) في احتفالية خاصة وضخمة تحتفي بالإرث الموسيقي الإسلامي اليهودي المشترك.
شاركت في الكثير والكثير من المهرجانات الدولية وتحدثت بإسهاب عن ذكرياتها في اليابان وتركيا وشاركت في حفل توزيع جوائز نوبل في أوسلو عام 1994، وعندما وقفت إلى جانب (سيمياد أوكونو) أحد أهم دعاة السلام واستلمت إثر ذلك دعوة رسمية من الحكومة اليمنية لزيارة اليمن، وقد وافقت عفراء بعد بدء التحضيرات لذلك.
ماه و أهم من أي شيء آخر أنها مثلت في العام 1998 فيلم بعنوان (العدل المطلق) والذي يدور حول قضية اختطاف الأطفال اليمنيين في إسرائيل وقد حظي الفيلم بتعاطف الملايين وما لبث الفيلم أن منع من العرض.
يمكن وصف رحيل عفراء بالخسارة الفادحة، ذلك أنها توفيت في العام 2000 متأثرة بذات الرئة وكذا إصابتها بمرض الإيدز الذي انتقل إليها من زوجها رجل الأعمال (دورن شيكنازي) والذي انتحر بعدها بعام ولم ينجب أطفالا.
بعد إعلان خبر الوفاة قامت المحطات الإسرائيلية بإعادة بث أغاني عفراء بصورة متواصلة وبثت سبب الوفاة نتيجة ذات الرئة وليس الإيدز احتراما لمشاعر عفراء التي رفضت وعائلتها الإفصاح عن الأمر قبل وفاتها لكونه كان يشكل رغبة في بقائه سرا لدى عفراء وقد نعاها إيهود باراك آنذاك قائلا :" وفاتها خسارة كبرى لإسرائيل وصلت بإسرائيل إلى قمة الثقافة الفنية وتركت أعظم الأثر في نفوسنا".

29 يونيو 2009

الخسائر الفادحـة للصحافة..!؟


* محمد الحكيمي
تدخل الصحافة اليمنية شهرا آخر من الحصار الرسمي ، وتبدو الحكومة مستميتة في شن حرب استنزاف طويلة تجاه الصحف التي ترفض التطويع ، وما من شيء يلوح في الأفق لانفراج الأزمة عما قريب .
مر شهر كامل لكن بالكثير من الخسائر الفادحة ، وهو أمر لم تكن تتخيله الصحف التي كانت تصدر تحت اعتقاد لم يعد سائدا الآن على الإطلاق وهو وجود حرية صحافة في البلاد ، لقد توقفت ثماني صحف مستقلة عن الصدور ، وتكبد ناشريها خسائر مالية باهظة حالت من أمكانية دفع الالتزامات الضرورية ، وهو الأمر الذي أنعكس سلبا ُ على العاملين في هذه الصحف .

02 يونيو 2009

التركـة الثـقيلة للحروب


* محمد الحكيمي
لا تؤول الحروب عادة إلى نصر تام ، مهما خرج فيها طرف متفوقاً على الآخر ، ففي النهاية ثمة ثمن فادح للغاية ، ذلك أن ساحة المعركة الحقيقية التي تحدد النصر أو الهزيمة ليست الجغرافيا فحسب .. وإنما الاقتصاد.
يتحدث احد التجار في محافظة صعده بنوع من القهر ، وهو يروي سجل الخسائر التي تكبدتها تجارته خلال خمس حروب اندلعت معاركها بين جماعة الحوثي والقوات اليمنية في مناطق مختلفة في صعده .
يقول هذا التاجر ( رفض ذكر اسمه ) : " الخسارة التي أتكبدها حتى الآن ، لا يلتفت لها الناس ، لقد فرضت عليَ الحرب في صعده دفع الكثير، وقد تم نهب وتدمير عدد كبير من ممتلكاتي أثناء الحرب ، ولأني تاجر، لا يتم احتسابي متضرراً " .

19 مايو 2009

معابد المستهلكين



* محمد الحكيمي 
لعل آخر ما يتبادر إلى الذهن عن وظيفة مراكز التسوق التجارية، هو أنها أفضل طريقة للسيطرة على الناس من خلال وضعهم تحت قبة وخلف أبواب مغلقة. بيد أن الوظيفة الحقيقية هي أنها تجعل الجميع تحت سيطرة السلع.
بالنسبة لصنعاء ، تبدو مجمعات السوق أشبه بنسخة عصرية حديثة من أسواق صنعاء القديمة، أو من سوق الملح بالتحديد. غير أن هذا الأمر يأتي في السياق التاريخي صائباً أكثر من حضوره على أرض الواقع، فـبمجرد النظر يكتشف المرء أن البون شاسع.
لقد اتسعت صنعاء اليوم، وأفرزت مع اتساعها أنماطاً جديدة من ضروريات الحياة اليومية للناس، والتي كانت منذ نشوئها نوعاً من الترف المقتصر على شريحة خاصة من السكان، لكن الواقع تغير للغاية، فأدوات الترف صارت اليوم للجميع ضرورة فوق العادة.
أهم تلك الأمور تأتي مراكز التسوق ومجمعاتها، أو ما يسميه المتسوقون "المولات". كانت هذه المولات تعكس بالنسبة لسكان صنعاء قبل عقدين من الزمان نمطاً من أنماط الثقافة الغربية، فالجميع في صنعاء لم يكن يتصور أن أسواق السلع ستصبح متاجر متراصة تحت سقف واحد تتعدد فيه كل أنواع السلع والبضائع على اختلاف أنواعها وأحجامها.
لكن الثقافة التي فرضتها مراكز التسوق ومجمعاتها على السكان، شكلت للجميع سبر أفكار جديدة وقيم مجتمعية لم يعتدها المتسوقون، المرأة مثلاً لم تكن تحظى بخصوصية تامة للتجول في مكان مغلق تم تخصيصه لكل مستلزمات المرأة، لتختار متطلباتها بعناية، ودون أن تكون تحت وصاية الرجل الذي لم يعد من الضروري مرافقته لها في كل عملية تسوق. ولعل الجدير هنا أن هذه المراكز أفرزت للمجتمع نوعاً جديداً من الحرية، أو لنقل حرية الشراء دون وصاية وتحديدا النساء. فالثابت في أعراف مدينة صنعاء قديماً كان يمنع النساء من التجول بحرية للتسوق وشراء ضروريات الحياة، غير أن الأمر انقلب رأساً على عقب، فمعظم مراكز التسوق في صنعاء ترصد معدلات الشراء الخاصة بالنساء بمقدار يفوق ثلاثة أضعاف عن الرجال حين يتعلق الأمر بالتبضع، ومعظم المتاجر تتحدث الآن عن قوة حضور النساء اللواتي يتسوقن من أجل شراء مستلزمات الرجال، في حين أن الأمر يبدو ضعيفاً للغاية إذا ما تم الحديث عن العكس.
لنأخذ أحد تلك النماذج العصرية المؤثرة في الحياة اليومية لمدينة صنعاء. مركز صنعاء التجاري مثلاً شكل منذ إنشائه علامة فارقة في حياة سكان العاصمة، لقد منح هذا المجمع ثقافة جديدة أفضت في البداية بظهور شريحة خاصة من المتبضعين الذين يقيمون في صنعاء. كان معظم هؤلاء المتسوقين ينتمون لأسر الدبلوماسيين العرب والأجانب أو الموظفين (غير اليمنيين) العاملين في شركات أجنبية عاملة في البلاد، غير أن الأمر أفضى الآن بجيل من المتسوقين اليمنيين والذين يمكن وصفهم بـ"المتسوقين الجدد"، فهم يشكلون شريحة من الناس الذين لهم ذائقة أرقى من العامة، فهم يعون تماماً مسألة اقتناء ماركات فخمة، ويحبون التسوق كونه يمنحهم الارتياح الذي يجدونه نتيجة انتقاء أدواتهم ومتطلباتهم بعناية. إن مجمعات السوق غالباً ما تمنحك كل ما تريده بخصوصية فريدة، فبإمكانك مثلاً الحصول على نوع من الترفيه، إلى جانب أكل أصناف معينة من الوجبات الخفيفة وأنواع من الحلويات وحتى الآيسكريم أثناء قيامك بالتسوق في أحد مجمعات السوق، فضلاً عن أنها تتيح لمرتاديها إمكانية الحصول على ماركات العالم المختلفة من الملابس، الأحذية، الساعات، العطور، المجوهرات، الحلويات، والأجهزة الالكترونية المتنوعة.
يقول فواز الشرعبي -مسؤول التسويق في أحد متاجر "مام" الشهيرة في مركز صنعاء التجاري ومركز يمن مول: "إن المراكز التجارية الحديثة خلقت نوعاً من الثقافة الجديدة، فالزبائن في هذه المراكز هم الأرقى من ناحية الذوق كونهم حريصين على أن يلبسوا جيداً، ويحفظون أسماء ماركات السلع العالمية لدرجة أن عدداً منهم يتسوقون بطريقة الكترونية عبر بطائق الفيزا كارد، ويدركون أشياء كثيرة عكس الزبون التقليدي".
لعل زيارة واحدة لأحد مجمعات السوق في العاصمة صنعاء كفيلة بأن تمنحك فكرة وافية عن شريحة واسعة من المشترين، وهي الشريحة الأعلى إنفاقاً على الإطلاق في المدينة. وبمجرد التجول داخل أحد معارض الألبسة الرجالية قد يندهش المرء لمجرد أن يجد أن ثمن بدلة واحدة يحرص على شراء ماركتها عدد كبير من المتسوقين في هذه المتاجر، يصل إلى 800 دولار أمريكي. وهو رقم كبير للغاية بالنسبة لمعظم اليمنيين، غير أن هنالك من يدفع ثمنها دون أي اكتراث.
لعل هذا الأمر يكشف عن فورة شراء غير متوقعة. المدهش أن هؤلاء الزبائن لا ينتمون فقط لطبقة خاصة من المجتمع، فهنالك حضور ليس بالقليل لأولئك المنتمين إلى الطبقة المتوسطة في صنعاء، وهم موظفو القطاع الخاص وملاك محال وأعمال صغيرة في العاصمة. ويبدو أن معظم المتسوقين هم من الذين انفتحوا على العالم من خلال تعليمهم أو حتى من خلال سفرهم الدائم خارج البلاد، ذلك أن القناعة الراسخة تنم عن ثقافة لم تنشأ من التأثر بالداخل بقدر تأثرها بالخارج، وهو الأمر الذي يقود إلى أحد إفرازات التطور لدى أجيال صنعاء الجديدة. هذه المجمعات منحت المجتمع خصائص غير مسبوقة، أسهمت هذه الخصائص ببروز فكر جديد في صنعاء، هذا الفكر يبدأ من انفتاح الناس على العالم، وينتهي ببروز قوة شرائية فوق العادة.
وبالعودة لإعجاب الناس غير العادي بمجمعات السوق، نجد أن الجميع يحبذون فكرة التسوق على هذا النحو، ربما لأن هذه المجمعات تمنح متسوقيها الراحة والترفيه وأخذ وقت كافٍ من الخصوصية مع عائلاتهم، كونها تمنح الطفل والمرأة والرجل اهتماما خاصا كلاً على حدة. ولعل ما هو جدير أيضاً ما يراه المهندس علاء كامل -أحد المتسوقين الشرهين في هذه المجمعات، يقول علاء: "أشعر بأنني دخلت في بلد أجنبي عندما أدخل أحد هذه المراكز".
لقد قلصت هذه المجمعات المسافة ما بين طبقات المشترين من خلال درجات البيع فيها، وفي العاصمة صنعاء هنالك أكثر من 20 مركزاً أو مجمعاً من مجمعات السوق التي اعتمدت مواصفات على منوال أجنبي، فهي تختلف باختلاف تخصصاتها وخدماتها، غير أنها تتفق في منهجية الفكر الذي يسير على سكة واحدة في التبضع. لكن هذه المجمعات تتفاوت في ما يخص درجة التصنيف، فيأتي مثلاً مركز صنعاء التجاري في الصدارة، وهو مركز فخم للتسوق، تعود ملكيته للشركة اليمنية الليبية القابضة، ويصنف من الدرجة الأولى من حيث اعتماده للمواصفات الدولية التي راعت عددا من الاعتبارات التي لا توجد في السوق اليمنية، وهو يضم أفخم ماركات وسلع العالم من الملابس، الأحذية، العطور، الساعات، المجوهرات، البصريات، الشوكولاته، الهدايا، والتحف، وينظم باستمرار عددا من العروض الشهرية التي تمنح جوائز غير مألوفة بالعادة. ويأتي في الدرجة الثانية مجمع يمن مول، وهو مجمع أنيق تابع لمجموعة شركات جابر الرحبي (أحد كبار المستثمرين في صنعاء). ثم تأتي عدد من المراكز التجارية التي تضم تحت أسقفها أصنافا من السلع التي تختلف من حيث التخصص، فهنالك مراكز تضم كل شيء مثل (مركز صنعاء ويمن مول)، أما بقية المجمعات فتضم سلعاً من أنواع متعددة لعائلة واحدة، منها مراكز أغذية (شميلة هاري، سيتي مارت، الجندول، الهدى، هابي لاند، وغيرها)، ومنها تضم ما يخص الألبسة فقط (سيتي ماكس، العزاني، الحمراء مول، الكميم، وغيرها). وتأتي البقية متفرقة على باقي أنواع السلع كالمفروشات والالكترونيات وغيرها.
لعل الفكرة التي يمكن التقاطها من مفهوم التسوق الذي عرفته صنعاء القديمة من سوق الملح، هو أن مجمعات التسوق الحديثة في صنعاء لا تزيد عن كونها نسخة جديدة وعصرية أكثر راحة مما كان موجودا لدى المدينة القديمة. فالمدينة عرفت التسوق، ولطالما اشتهرت بالأسواق منذ القدم. غير أن هذه المجمعات العصرية تمنح المجتمع المحلي المحافظ طابعاً يخصه من العالمية، وصورة جديدة تتيح للزائر الشعور بنموذج ديمقراطي يختلف عن صورة أسواق الأصل.
يبقى فارق التسوق بين زمنين هو أن الجميع كان يبتل في ما مضى، بيد أنه اليوم يبقى جافاً حين تمطر.

11 مايو 2009

قصة المشروع الذي أفسدته شركة " الرحاب"


* محمد الحكيمي
هذه المرة .. الفساد ينتصر مرتين. وفي قصة مشروع طريق ( ذمار – الحسينية ) يبرز الفساد بصورة استثنائية مهيمنة طيلة سبع سنوات ، في حكاية طريق بدأ العمل فيه مطلع العام 2005 كي يتم انجازه في 2007 ، وبحلول العام 2009 سنكتشف أن المرحلة الأولى منه لم تجهز بعد، والنتيجة: اختصار طريق المشروع من مسافة 220 كيلو متر إلى 105 كم ، من قبل الشركة المنفذة له ،ويتم تعويضها مرتين أيضاً.

30 أبريل 2009

عن عارنا القومي .. الآن !!

اطفال يتسولون مع ابيهم بصنعاء. الصورة:النداء
* محمد الحكيمي
لا تعرف "فاتن" حتى الآن سوى شيء واحد في الحياة، هو: الشعور بالذل.
يبدو ذلك الشعور مريرا ومؤذيا بالنسبة لطفلة بريئة لم تتجاوز العاشرة من العمر، أُجبرت على العيش في الهامش.
لا شيء هنا يبعث على التفاؤل. فالحياة قاسية بالنسبة لـ"فاتن" (وهذا ليس اسمها الحقيقي)، فهي تعمل منذ 3 سنوات بائعة أقلام متجولة في شارع حدة في العاصمة صنعاء.
إلى جانبها يعمل شقيقها، الذي يصغرها بعام، من أجل إعالة إخوتهم الخمسة: 3 إناث واثنان من الذكور، إلى جانب أمهم.
بدأت مشقة "فاتن"، كطفلة مضطرة للعمل في الشارع، منذ نهاية العام 2006، عندما ألقت السلطات السعودية القبض على والدها، حين كان يعمل في إحدى الشركات بالمملكة، نتيجة عدم تمكنه من دفع الديون المُقرة عليه. هو حتى الآن ما يزال معتقلاً في أحد سجون المملكة، وقد انقطعت أخباره عن أسرته الفقيرة التي لا تقوى على تسديد ما عليه. ومنذ ذلك الوقت اضطرت زوجة الرجل لإيجاد مصدر دخل لأولادها السبعة، لكنها فشلت، ولم تجد غير ابنتها الكبرى (فاتن) لتوكل لها مهمة إعالة 6 أطفال سيتوجب عليهم على الأرجح العمل في الشوارع اقتداءً بأختهم لتحمل المسؤولية، ومن ثم الحرمان من التعليم، دون العيش حياة هانئة.
كل ما تجنيه "فاتن" من دخل، لا يتعدى مبلغ 500 ريال في اليوم الواحد، وهو ما يعادل قرابة دولارين فقط. وستقول لك "فاتن" إن ذلك المبلغ هو الذي تعود به نهاية اليوم، بالرغم من مساندة شقيقها في وظيفة بيع الأقلام.
لعل "فاتن" واحدة من حوالي 30.000 طفلة وطفل من أطفال الشوارع في البلاد، وربما تأتي ضمن الأربعين بالمائة من الأطفال الذين يأوون كل يوم إلى مساكن أسرهم، باعتبار أن نسبة الـــ60% المتبقية يعملون وينامون في الشوارع كونهم بعيدين عن أسرهم التي لا تكون مقيمة في المدينة التي يعملون بها، طبقاً لتلك الدراسة الحكومية التي أطلقها المجلس الأعلى للأمومة والطفولة في مطلع يوليو من العام الفائت 2008.
مصدر الإحباط الكبير هو أن عدد الأطفال الذين يعيشون معاناة "فاتن" في ارتفاع مستمر تعلو مؤشراته بصورة متواصلة. والأكثر إحباطاً هو نسبة الفتيات اللواتي توكل لهن مشقة إعالة أسرهن تماماً.
يعود معظم الأسباب التي أدت إلى لجوء الفتيات إلى الشوارع -بحسب التقرير الحكومي- إلى انتشار الفقر وكثرة الإنجاب وانعدام الخدمات الاجتماعية، والأهم من ذلك تخلي الدولة عن دعم الفقراء.
الكارثة أن اليمن صادقت (بثقة) على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في 20 نوفمبر 1989، والتي ترى أنه ينبغي إعداد الطفل إعداداً كاملاً ليحيا حياة فردية في المجتمع بروح المثل العليا المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة، وخصوصاً بروح السلم والكرامة والمساواة.
ما من كرامة يمكن لـ"فاتن" أن تشعر بها وهي تتألم كل لحظة تجاه نظرة الاحتقار والدونية التي تتلقاها من المارة باختلاف شرائحهم. وما من مساواة يمكن الاعتراف بها. ذلك أن "فاتن" لم ترتد المدرسة قط، أو لنقل لم تتمكن من ذلك، برغم الحديث الرسمي عن إلزامية التعليم الابتدائي للفتيات ومجانيته.
لننسَ الآن أمر التزام اليمن بالمادة (28) من اتفاقية حقوق الطفل (حق الطفل في التعليم)، والمادة (26) (حقه في الانتفاع من الضمان الاجتماعي)، وكذا المادة (27) (حقه في مستوى معيشي ملائم)؛ فالحديث عن ذلك يعني ببساطة الحديث عن احترام اليمن لاتفاقياتها أمام العالم، وبعبارة ملائمة: استهتارها بحق الطفل قبل كل شيء.
أكثر ما يؤلم هو أن "فاتن" لا تحلم ككل الفتيات بارتداء فستان جديد، أو الحصول على دمية أنيقة، ولا تفكر حتى بتذوق قطعة حلوى أو التنزه برفقة أشقائها.
تصوروا أن كل ما تتمناه الطفلة هو فقط ألا يصادفها في عملها من يسيء إليها من المارة ممن يتعمدون إلقاء الشتائم، ولا ترجو التعرض للعنف والاعتداء بالضرب والتحرش، الذي تعرضت له 4 مرات طيلة عملها.
وأكثر من ذلك، لا تتمنى "فاتن" أن تقبض عليها الشرطة ذات يوم بتهمة التسول، كما حدث لطفلة قبض عليها قبل شهرين ولم تعد إلى شارعها حتى الآن.
أسوأ ما في الأمر، هو أن معظم هؤلاء الأطفال يعملون تحت دافع اضطراري من أجل إعالة أسرهم، وهو أمر لا يمنح المجتمع سوى قيمة خلاقة. لكن الأسوأ من ذلك هو ذلك التشوه الاجتماعي الذي يتعرضون له، من استغلال وسرقة وضرب ومضايقات واعتداء جنسي يصل حد الاغتصاب.
علينا أن نعترف بأن ذلك عار قومي تجاه من يتطلعون الآن إلى المستقبل. ويبدو البلد برمته متواطئ في عملية تجاهل كبرى تجاه تلك الشريحة.
يبقى الواضح أن الحكومة التي لا تكترث للمستقبل، لا يعنيها الالتفات للجيل الذي سيكون فيه مهما كلف الأمر.
ـــــــــــــــــــــ
نشرت بتاريخ: 30 أبريل 2009 – صحيفة النداء – صنعاء.

13 أبريل 2009

سقطرى المنسية !


محمد الحكيمي
الصورة رديئة للغاية ، غير أننا لا نجرؤ على الاعتراف بأن هذه هي الحقيقة .
لقد اتسعت الرداءة ، وأصابت المدن بالإخفاق . لكن الخبر السيئ أن ثمة أمر رديء يحدث الآن في جزيرة سقطرى .
الأمر يتعلق بانتقال ذلك الفساد الذي عانت منه المدن ، ليصل إلى جزيرة سقطرى ، لدرجة أنها صارت تخطو في طريق لأن تصبح بيئة طرد مركزي تجاه نوايا الاستثمار ، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالاستثمار الأجنبي ، وهذه كارثة.
لقد بلغ الأمر حدا يجب التنبه له ، ومؤخرا أرتفع صوت أحد المستثمرين الخليجيين بنبرة استياء جراء ما حدث له في الجزيرة حينما قرر إقامة استثمار سياحي هام ، فأرتطم الرجل بالرداءة التي قوبل بها حين أقدم على شراء الأرض .
الرداءة التي يعاني منها المكان . هي عدم الاكتراث لأهمية ما ينوي البعض القيام به ، بيد أن ثمة من يذهب للقول بأن رداءة سقطرى تتعلق بإهمال المنطقة سياحياً، واقتصار الاستثمار لصالح فئة تود احتكار المكان ، دون إحداث فارق جاد . وهنالك قصص عدة لرجال أعمال عزموا فعل الكثير ، لكنهم فؤجئوا بكومة من العراقيل .
الحقيقة أن الجزيرة التي سحرت العالم بندرة كل ما هو موجود فيها ( وهي ميزة أرض لم يكن لنا فيها خيار ) تحاول أن تكون أكثر مرونة بالرغم من تعرضها للكثير ، فقد ظلت سقطرى سجنا ً كبيرا ً للمعتقلين السياسيين في عهد سلطة ما قبل الوحدة في الجنوب . ثم صارت مجرد أرخبيل يهواها الأجنبي ويعرف عنها أكثر مما يعرف عنها اليمنيين . ولم يلتفت أحد إلى العجائب التي تملكها الجزيرة كأكبر مقصد نادر من مستودعات الطبيعة في العالم .
ما من سبب مقنع نملكه لتبرير سنوات الهدر التي مرت بها سقطرى ، دون أن نهتم بها كمنطقة تحظى بندرة شديدة على كافة المستويات ، ولا يمكن لنا إنكار حضور الأجنبي الذي كان دائما يلفت انتباهنا لأهمية سقطرى من منظمات ومؤسسات وبعثات علمية وكيانات . لكننا بعد هذا كله لم نستطع القيام بشيء للترويج لها أمام العالم لتكون بمثابة التقدير على ما عداه .
سيخبرك الناس في سقطرى عن سماعهم بأن الاتحاد الأوروبي سيتولى إدارة الجزيرة ، بعد أن يتسلمها من الحكومة اليمنية عما قريب ، ويأتي الأمر في سياق اهتمام عالمي كبير ، باعتبارها ثروة للعالم كله وليس لليمن فحسب ، فهي الآن ضمن قائمة عجائب الدنيا السبع .
ربما كان توجيه الرئيس علي عبد الله صالح مؤخرا ً بإلحاق جزيرة سقطرى إداريا ً بوزارة الإدارة المحلية خطوة هامة في مسار استقلالية سقطرى كي تصبح محافظة يمنية مستقلة تحظى بكل شيء ممكن ، وهي بحاجة لذلك فقد عانت كثيرا ً من كونها تابعة لمحافظة حضرموت.
وعلى طول السنوات لم تحتل سقطرى موقعا ً ولو أدنى ، من حظوظ الاستثمار ، ولم تحظى بمبادرات نوعية لجعلها في الصدارة ، غير أنها حصلت على اهتمامات فردية قام بها عدد من المهتمين بشكل شخصي ، ولعل الباحثة البريطانية " ميرندا موريس " قامت بالكثير تجاه سقطرى لسبب أنها أحبت الجزيرة النادرة بمجرد أن زارتها لأول مرة في العام 1988 ، وهو ما دفعها لتأليف كتاب عن النباتات والطيور والحشرات في سقطرى بمشاركة باحثين ، لدرجة أنها مكثت في الجزيرة مدة طويلة قضتها في تعلم اللغة السقطرية ، وما هو غريب على الفعل اليمني هو أن حماس البريطانية ميرندا قادها لأن تعمل بجهد من أجل انجاز مشروع للبيئة يوثق لمرجعية علمية متكاملة لكل كائنات سقطرى النادرة . لكن هل أكتفت ميرندا عند هذا الحد ؟ لا . المدهش أنها لم تتوقف بعد ، فقد عملت مع السيد أحمد السقطري ( وهو أحد رجال الأعمال اليمنيين والمقيمين في سلطنة عمان ) على تأسيس (متحف تراث سقطرى) والذي تأسس بتمويل شخصي من السقطري ، ليتم افتتاحه بنجاح في الحديقة الملكية في ادنبره العام 2006 ، بعد جهد شاق ومضن من قبل ميرندا و السقطري .
كل هذا أمر جيد ! لكن أين يكمن دور رأس المال اليمني تجاه ذلك . ليست هناك مبادرات خلاقة باستثناء القليل . لنتحدث مثلا ً عن ما قامت به سيدة الأعمال لينا العبدول فهو مبعث فخر، كونه كان مبادرة من شابة يمنية تحمست لفعل الكثير لبلدها . لقد قامت ( العبدول ) بإطلاق مشروع بيئي للحفاظ على طبيعة سقطرى وحمايتها من التلوث ، من خلال رصدها لأسواق سقطرى ، وجدت (العبدول ) أن الأكياس البلاستيكية تسطو على مساحات تتسع في كل الأمكنة ، وهو ما قادها لاستصدار قرار مدعوم من السلطات المحلية بالجزيرة لمنع دخول واستخدام أكياس البلاستيك المصنوعة من المواد السامة واستبدالها بأكياس ورقية يتم تلفها دون إضرار البيئة ، كان ذلك الجهد يتطلب من ( لينا ) أن تؤسس منظمة مدنية أطلقت عليها اسم ( مؤسسة سبرا للتنمية وسبرا هو اسم لشجرة طبية في سقطرى). وتبحث ( لينا ) الآن إمكانية إنشاء مصنع أكياس ورقية يخص الجزيرة . انه عمل خلاق وطموح قلما يحدث في مكان بعيد لمنطقة منسية لا يزيد سكانها عن 100 ألف نسمة . وفي معرض الحديث عن مبادرات رجال الأعمال فهنالك من يستحق الإنصاف كونه يتحدث باستمرار للجهات الرسمية لكل ما يهم سقطرى وهو رجل الأعمال أمين درهم الذي لا يتوقف عن الحديث عن سقطرى أمام البعثات العلمية عبر جمعية الصداقة اليمنية الألمانية التي يرأسها للخروج بمشروع خلاق .
ما تحتاجه سقطرى أكبر من التحدث عنها بتفاخر كونها أرض تخصنا دون القيام بشيء . ولو حدث بالفعل وتولى الاتحاد الأوروبي إدارة شؤونها فربما لن نكون حينها إلا مجرد سياح لا يملكون سؤى حق الزيارة ، في حين أن الأجانب كميرندا استطاعوا فعل ما هو أكبر .
نشرت في صحيفة الجمهورية - ملحق اليمن السياحي - 13 ابريل 2009 .

01 أبريل 2009

خارج مربع الشفافية


* محمد الحكيمي
ما الفرق بين شركة حكومية وشركة خاصة ؟ الإجابة بكل بساطة أن الأخيرة لا يتم الإفصاح عن إرباحها .
ربما يشكل الفارق لكثيرين في قول كهذا على أن الأمر يحمل مقارنة غير عادلة ، بيد أن الحسابات السحرية التي تتم في كلا القطاعين ( العام والخاص ) تفصح في النهاية عن أرقام خاطئة لدى القطاع العام . ولا تفصح عن شيء لدى القطاع الخاص عندما يتعلق الأمر بالإرباح مثلاً .
في مايو 2005 كان رئيس الحكومة ( عبد القادر باجمال ) يتحدث عن تخلف القطاع الخاص ، ولم يسأل أحد ما الذي يعنيه ( باجمال ) بالتخلف !!
ماذا لو قلنا أنه يقصد عدم الرغبة في التطور . هل هذا يعني أننا نتحدث عن قطاع لا يحب الحديث عن الحقيقة فيما يخص حقيقة الأرقام التي تخصه . المربك في الأمر أن التجار يتحدثون الآن عن البورصة ، ويذهب كثيرون للقول بحماس أن شراكة ما قد تنجح بين القطاع الخاص والحكومة إذا ما تأسس قيام سوق بورصة الآن في اليمن . وتبدو الرغبة ذاتها على مستوى الخط لدى الحكومة ، فقبل يومين كان نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية ( عبد الكريم الارحبي ) يتحدث عن حرص حكومي يعتمل الآن لتكريس ثقافة الشراكة مع القطاع الخاص لكن بنوع من التأصيل هذه المرة .
المشكلة أن ما من بورصة في العالم تقوم على أساس اعتمادها على حسابات دفترية للشركات ، أو على أنظمة محاسبية مضللة لا يعرف أرقامها الصحيحة سؤى صاحب رأس المال الحقيقي للشركة .
لننظر إلى ما لدينا بالضبط .. معظم أقسام الحسابات في اليمن ( في القطاعين ) ما تزال دفترية وهو نظام أصبح في ذمة التأريخ اليوم ، وبقية الحسابات تتخذ أنظمة محاسبية مختلفة ومتباينة ومنها ما هو غير متطور أيضاً .
ولكي نصل إلى سوق للمال يجب علينا توحيد الأنظمة المحاسبية في كل الشركات التي ستعرض أسهمها تحت تداول السوق . لكن هل يمكن أن تكون معظم شركات البلد بنظام محاسبي موحد يعلن أمامنا الأرباح والإيرادات والخسائر . بالنسبة لي لا أتوقع ذلك على الإطلاق . لسنا قريبين من مربع الشفافية في كل الأمور ، وربما كان المال أعقدها ، ولو حدث ذلك سيكون معجزة غير متوقعة .
الحقائق التي أعلنت مؤخراً تصيب الجميع بالاكتئاب ، لقد أظهرت نتائج الدراسة التي نفذها المركز اليمني لقياس الرأي العام ( وهي نتائج مسح ميداني شمل 200 شركة في 5 مدن يمنية ) أصدرت مطلع هذا الأسبوع ، أن 60.5 % من الشركات في اليمن تمتنع عن الإفصاح عن أرباحها. والأمر يتعلق بخشية الشركات من الضرائب . وبعبارة أكثر شفافية خشية الشركات من دفع الضرائب .
ما هو مثير للإحباط أن 57.5 % من الشركات تمتنع عن الإفصاح عن كبار مالكي الأسهم فيها . هذا الأمر يقود إلى أن عدداً ضخماً من الخائفين على أسمائهم يمارسون الأعمال بالباطن ولا نعرف من هم بالضبط .
معظم الشركات والمؤسسات الاقتصادية في البلاد ، هي شركات عائلية وتشكل قرابة 90 % من إجمالي النشاط الاقتصادي في اليمن ، وتدار طبقا ً لتسلسل أبناء العائلة ، وهي لا تقوى على اعتماد فصل الملكية على الإدارة .
وبحسب الدارسة ذاتها فإن 76.5 % من الشركات يتم التدقيق الداخلي والخارجي لبياناتها المالية فيها تحت إشراف ورقابة مجلس الإدارة . وبالطبع لا يمكن لموظفي الحسابات معرفة تلك البيانات المالية باعتبار أن السائد وجود موازنتين ( الأولى وهي تخص مجلس الإدارة كونها البيانات الحقيقية ) والثانية تخص الشركة وهي التي يتم التعامل ببياناتها أمام الجهات الحكومية ومنها الضرائب .
أستطيع الجزم بان عددا من تجار اليمن لا يعرفون شيئا ً إذا ما تعلق الأمر بالحوكمة ، وربما حين يعرفون الحوكمة سيصابون بالذعر ، فالغالبية هنا لا تحب الحديث عن الشفافية فكيف إذا بتطبيقها . ربما يجدر بقادة القطاع الخاص التنبه لهذا الأمر ولمدى الحاجة التي يتطلبها هذا القطاع . فالجميع سئم الفساد في القطاع الحكومي . فتخيلوا حجم الأمر إذا ما فقدت الثقة أيضاً في القطاع الخاص .