التسميات

25 سبتمبر 2011

حُـقـبة تـالـية من البطالة والـفـقـر


عمال يمنييون في انتظار فرصة شاغرة. تصوير:م.ح
* محمد الحكيمي
لا شيء يبعث على التفاؤل حينما يتعلق الأمر بدحـر البطالة وتخفيف الفقر في اليمن. لا شيء غير الشعور بالإحباط.
ليس هنالك حل مثالي بمقدوره إنقاذ بلد عاطل وطاعن في السن.فكل ما حبت به الطبيعة من موارد وثروات ، أضحت ناضبة طبقاً لتقارير المنظمات والهيئات الدولية ؛ 

وتؤكد المؤشرات أن اليمن يعاني ندرة في المياه، ونقصا في الأراضي القابلة للزراعة ؛ كما أن احيتاطيات النفط لا تتوقف الحكومة عن التأكيد على أنها متناقصة.
طبقاً لتقرير البنك الدولي للعام الفائت ، فإن المشكلة الاقتصادية  تتفاقم في اليمن ،كون أغلب شرائح سكانه الذي يشكل الريفيون 73 في المائة منهم، في سن الشباب وهم في زيادة سريعة. كما أن ما يقرب من 50 في المائة من السكان هم دون الخامسة عشر عاما ، فيما تظل معدلات الخصوبة الإجمالية من بين أعلى المعدلات في العالم.
يبدو المحبط في هذه الوتيرة، هو أن سكان اليمن سيتضاعفون في النمو من 22 مليون نسمة في الوقت الحالي إلى 50 مليوناً بحلول عام 2035. و ربما ليس مشجعاً أن نعرف كم سيكون نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي حينها، ذلك انه وصل إلى 770 دولاراً أميركياً قبل أعوام ، ولم يرتفع منذ ذلك الحين.
الجهود الرسمية لم تستطع من تحقيق شيء، غير بعض المكاسب المتواضعة على صعيد الحد من الفقر في المناطق الحضرية، وبرغم ذلك ما يزال زهاء 35 في المائة من السكان تحت خط الفقر.
بالنسبة للبنك الدولي ، تبدو التحديات الراهنة هي من سيتسيد الحياة الاقتصادية في البلاد ، فقطاع النفط  يهيمن على اقتصاد اليمن ومعدلات البطالة تشير إلى ارتفاع مطرد من 12 % في إلى 35 % ، فيما زاد معدل نمو القوى العاملة عن معدل خلق المزيد من فرص العمل. ولعل الغريب أًن عدد العمال العرب والأجانب العاملين في اليمن وصل إلى 19 ألفاً عاملاً حتى طبقًاً لإحصائية رسمية.
الحكومة اليمنية ومنذ تبنيها لخطة التنمية من أجل تخفيض أعداد الفقراء،تخفق في كل مرة حين تقوم بالتصعيد من جهودها لدفع النمو في القطاعات غير النفطية وخلق فرص عمل في مجالات: الزراعة، ومصائد الأسماك، والغاز الطبيعي، والصناعات التحويلية في المناطق الحضرية، والخدمات، وقطاع المال.
وما لا تعيه الحكومة أو تتجاهله هو أن كل ذلك يتطلب التعامل مع عدد من القيود والمعوقات الشاملة التي تواجه تنمية القطاع الخاص، بما في ذلك المسائل التنظيمية، والبنية الأساسية (فشبكة الكهرباء و مياه الشرب المأمونة لا تغطيان أكثر من 30 و36 في المائة فقط من السكان) فضلا عن عدم اتساق المهارات المتاحة مع احتياجات السوق.
الطريف في الأمر أن المسئولين الحكوميين يصرون على الاحتفاء بتصدر اليمن لقائمة بلدان العالم من حيث إجراء الإصلاحات المتعلقة بسهولة بدء النشاط التجاري " تأسيس الشركات"، برغم أن البلد جاء في الترتيب 105 من بين 183 بلداً شملهم تقرير ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2011.في حين أنه كان في الترتيب الثامن والتسعين في تقرير العام 2009. وهذا انتكاس لا يبعث الفخر على الإطلاق.
أكثر ما هو محبط بالفعل ، هو نسبة التراجع التي منيت بها اليمن على كافة المستويات الاقتصادية، فهذا العام تراجع ترتيب اليمن في مؤشر حماية المستثمرين إلى المرتبة 132 في تقرير 2011 في حين أنه كان يحتل المرتبة 131 في تقرير2010 ، ويعود السبب للصعوبة التي يواجهها المستثمرين في إقامة الدعاوى بشكل كبير مقارنة مع دول المنطقة.
كما تراجع ترتيب اليمن في مؤشر دفع الضرائب أيضا ليصل إلى المرتبة 146 في 2011 ، وعلى ذات الصعيد من انجاز التراجع حصلت اليمن على درجة 54.4% في تقرير الحرية الاقتصادية للعام 2010 متراجعة بمعدل 2.5  نقطة مئوية ، لتحتل بذلك الترتيب 121 من بين 179 اقتصاد حر على المستوى العالمي ، في حين أنها كانت تحتفظ بالمرتبة 103 في تقرير 2009.
المسئولون الحكوميون يعرفون سبب هذا التراجع والإخفاق الكبير في كل شيء، وهم يشيرون بأصابعهم إلى الفساد الذي بات يمثل العقبة الرئيسية والأكثر خطورة في الحرية الاقتصادية للبلاد، وهو يعود بدرجة أساسية إلى تفشي الفساد في الدوائر الحكومية نتيجة الأجور المنخفضة التي يتلقاها العاملون في القطاع العام، لذلك يلجأ العاملون لاتخاذ طرق غير مشروعة وفرض دفع الرشاوى لتسهيل المشاريع ، وهذا عار كبير بكل معنى الكلمة.
ليس بوسع التوقعات سوى الإفصاح بأمر أو أمرين ، ومنها أن أكثر العوائق التي ستقف أمام النمو في خطة التنمية ، هي القضايا المتعلقة بأزمة ارتفاع أسعار السلع الغذائية، وقدرة المالية العامة على الاستمرار، والحوكمة، واستهلاك القات. ويتجلى ذلك على وجه الخصوص في ارتفاع متوسط معدل التضخم.
كل التوقعات تشير إلى أن البلد الذي يعكف منذ 8 شهور في الشارع، بإصرار كبير حتى يحقق مطالبه وتنجح ثورته السلمية الشعبية ، سيواجه الكثير من العبء الاقتصادي بعد تغيير النظام، ولعل هذا العبء يعد جزءاً من كلفة التغيير المنشود ، انه فاتورة إضافية سيتعين على البلد تحملها.فالتركة الحالية للاقتصاد كارثية جرى استنزافها وهدرها بشكل مخيف.
لا يبدو أن الرفاهية في طريقها إلينا بعد عقد أو عقدين ، فالبلد مشلول بالكامل هذا العام، ويحتاج لأن يستعيد أنفاسه في العام القادم ، وهذا يعني انه سينتظر كثيراً كي  يصل إلى الحكم الرشيد. ولعل التراجع المخيف الذي حصده اليمن في جميع المؤشرات طبقاً لتقرير البنك الدولي حول مؤشرات الحكم الرشيد للعام 2010، يعود إلى حالة عدم الاستقرار السياسي الذي تعيشها معظم مناطق البلاد نتيجة تخلل الأمن داخل الدولة.
وبين تفاقمات عدة تبدأ من تزايد اللاجئين الأفارقة إلى زيادة معدل النزوح البشري للسكان من 3 محافظات يسودها التوتر و دمرتها الحروب، تقف اليمن على شفير الهاوية اليوم، وهي بذلك لا تستطيع الانحراف عن مسار الدول الفاشلة.
ما لا يعرفه الكثيرين أن اليمن جرى تعريفها في تقرير الدول الفاشلة في العالم 2010 ، على هذا النحو: " يعرف التقرير اليمن على أنها الدولة التي لا يمكنها السيطرة على أراضيها وعاده ما تلجأ للقوه ، وتفشل حكومتها في اتخاذ قرارات مؤثرة بالإضافة إلى عدم قدرتها على توفير الخدمات لأبناء شعبها فضلاً عن فشلها في التعامل بفاعلية مع المجتمع الدولي، وهي تشهد عادة معدلات الفساد والجريمة بنسب مرتفعة. وعليه تصل اليمن إلى المرتبة 15 من حيث كونها أكثر الدول الفاشلة في 2010، وبدرجة فشل تصل إلى 100% ، وهي بذلك تمثل خطراً قادماً على العالم ، ذلك أنها على حافة الهاوية ، وليس أقل من ذلك.

هناك تعليق واحد:

  1. آآآه يا ابن الحلال اذا كان دا حال اليمن السعيد اصل العرب عز العرب امال نحنا نقول ايه في السودان الذي كنا نظن انه سلة غذاء العالم فإذا به سلة حذاء العالم .
    أخوك طه الشريف كاتب صحفي وإعلامي

    ردحذف