التسميات

26 مايو 2010

الإطـــاحة بمصنع وطني شهير


محمد الحكيمي
تبدو قصة مصنع الكندا دراي التابع للشركة الوطنية للمرطبات بصنعاء، مصدر إحباط كبير لواقع الاستثمار في اليمن.فالشركة التي أسسها الشيخ عبد السلام شمسان العام 1980 وعرفها اليمنيون كأول مصنع للمشروبات الغازية ، لاقت خسارة فادحة للغاية منذ أن توقفت عن العمل ،وأغلقت خطوط إنتاجها التي كانت تغطي 40 % من سوق المشروبات الغازية في البلاد منذ العام 2007 . وتتعرض اليوم لمصير تصفية تمضي بمسار قانوني انطلقَ بشكل خاطئ وهي نهاية غير عادلة لأحد الراساميل الوطنية.
بدأت القصة تنمو بسبب نزاع الشركة مع طه الزريقي(وهو صاحب أكبر وكالة توزيع لمنتجات الكندا دراي صنعاء)، وطبقاً لأحد أعضاء مجلس الإدارة في مصنع كندا دراي صنعاء فإن الزريقي عمد إلى احتكار بيع منتجات المصنع في السوق طوال سنوات من خلال بيعه لمنتجاتها بسعر أقل مما يبيعه المصنع للموزعين من أجل استحواذه على السوق ،لدرجة أضحت فيها الشركة خلال السنوات الأخيرة غير قادرة على النفاذ بمنتجاتها للسوق إلا من خلال وكالة الزريقي ، الأمر الذي تسبب بخسائر ومديونية ضخمة للشركة نتيجة ذلك. حتى وصلت الأمور إلى أدراج المحكمة التجارية لفض ذلك النزاع.
لننسى أمر ذلك الصراع الذي قاد المصنع لإعلان المحكمة التجارية الذي يتحدث عن تصفيته ، فطبيعة نشوء مثل هذا الصراع تجعل المتعقب غير قادر على فهم الدوافع التي تجعل من وكالة تسويق تقدم على بيع منتجات مصنع بسعر ارخص من سعر البيع الذي يحدده المصنع ذاته لمنتجاته. ولنتحدث عن الخسارة الحقيقية التي تتمثل اليوم بضياع منشأة صناعية وطنية ، وفرت فرص العمل لأكثر من 700 عامل في البلاد. فضلاً عن أنها كانت توفر للدولة مبالغ ككل الاستثمارات الملتزمة بدفع الضرائب ورسوم الخدمات.
ربما لم يخطر ببال الشيخ عبد السلام شمسان وهو أحد تجار اليمن البارزين ، أن الاستثمار الذي أطلقه مطلع الثمانينات وأرسى فيه بيئة عمل مؤسسي،تحترم واجباتها تجاه الدولة سيصل به الحال إلى الإغلاق. فلطالما كان الشيخ شمسان سريع المبادرة تجاه الالتزامات التي يشعر بها رأس المال الوطني تجاه بلده.
ذاع صيت مصنع شمسان منذ أن بدأ العمل فيه بطاقة إنتاجية تصل إلى 20.000 صندوق للمشروبات الغازية في اليوم الواحد.ووصل عدد العاملين فيه يوم افتتاحه إلى 450 عاملاً وموظفاً.
بعد تعرض اليمن لفتنة (الانفصال) واندلاع حرب صيف 1994 ، كانت دولة الوحدة تحتاج لتثبيت دعائم الاستقرار كي تصل اليمن لما هي عليه اليوم ، وهي مهمة بادر لها عدد من الأسماء الكبيرة التي قامت بإطلاق مشاريع استثمارية عززت من تثبيت اقتصاد دولة الوحدة.
بينما كانت رؤوس الأموال اليمنية تبادر لفتح استثماراتها الجديدة ، كان الشيخ عبد السلام شمسان يفتتح في العام ذاته خط الإنتاج الجديد في الشركة الوطنية الذي استوعب قرابة 200 عاملاً لإنتاج المشروبات الغازية في العبوات البلاستيكية (PET) التي شهدها السوق المحلي لأول مرة بأحجام (نصف لتر،واحد ونصف اللتر، و2 لتر) لمنتجات عديدة من ( شراب التفاح والرمان وغيره )أضيفت لسجل منتجات الصناعة المعبأة محلياً.
كانت تلك الإضافة لخط الإنتاج الجديد الذي أسسه الشيخ شمسان بمثابة لبنة أولى لما سوف يصبح عليه فيما بعد، وبقدوم العام 2002 تم تطوير وإضافة هذا الخط ليصبح مصنعاً جديداً بخط إنتاج عملاق لتعبئة العبوات البلاستيكية ذاتها، مع إضافة قناني الزجاج غير المرتجعة، بالإضافة إلى انتاج منتج جديد للمياه المعدنية التي عرفها الناس بمنتج (مياه كندا دراي 750 مل) بطاقة إنتاجية 20.000 كرتون في اليوم.وبعد ذلك تفاقمت قصة النزاع وانشغلت إدارة المصنع بالقضية لدرجة الانهماك بها حفاظاً على سمعة المصنع التي تزايدت مديونيته لدى وكيلها في السوق. وعدم قدرة إدارته الاستمرار بذلك الأداء حتى تم الحجز على المصنع والتسبب بهز سمعة الشركة إمام شركائها والسوق على حد سواء.
واليوم .. يجد 95 % من العاملين في المصنع أنفسهم خارج العمل. وهنا تكمن المأساة التي لم يكن يتوقعها الجميع. فهنالك أكثر من 700 عاملاً مباشراً وغير مباشر ومنهم من ذوي الأجر اليومي أضحوا بلا مصدر دخل كون معظمهم ظل يعمل لأكثر من عشرين عاماً في الشركة الوطنية للمرطبات. وهو ما يتطلب تدخل رسمي كي لا تستمر معاناة هؤلاء الضحايا.
تصفية خارج القانون:
آخر المستجدات لواقع المصنع كانت بتاريخ 12 مايو 2010 حين تم تأجيل جلسة بيع آلات ومعدات مصنع الكندا دراي التابع للشركة الوطنية للمرطبات بالكامل من قبل المحكمة التجارية بإماتة العاصمة، بالرغم أن نصفها فقط هي محل الرهن المطلوب التنفيذ عليه من قبل المرتهن وهو (البنك الإسلامي اليمني).
ولعل هذا التأجيل الذي أتى ضمنيا ،جاء بعد اكتشاف خطاء الإعلان عن بيع كامل آلات والمعدات والإعلان عن ذلك يوم 4 مايو 2010 في الصحف الرسمية بينما المرهون هو النصف فقط لصالح البنك.
يقول مصدر قانوني مطلع على القضية : " بالطبع .. يُمكن لذلك التأجيل أن يكون تصحيحاً قانونياً لخطأ فادح، ولكنه لم ينجح في تدارك أضرار بالغة أوقعها ذلك الخطأ ابتداءً في سمعة الشركة الوطنية للمرطبات على خلفية إعلان البيع بالكامل، وهو أمر بالغ التأثير في عالم المال والصناعة ويمكن وصفه بالإعدام المعنوي" مفصحاً بذلك عن "مدى ما قد يلحقه القضاء التجاري من أضرار فادحة قد تؤدي إلى تصفية واحدة من أقدم الشركات الصناعية الوطنية خارج القانون".
ويؤكد المصدر ذاته بالقول: " لم يكن ذلك الخطأ هو الوحيد في مسار هذه القضية التي تستثير الانتباه، فقد سبق أن تم تمليك الأرض التابعة لمصنع الكندا دراي من قبل قاضي التنفيذ بعد البيع في المزاد حيث تم الاعتماد في القيام بذلك على حكم صادر من قاضي الأمور المستعجلة قضى باتخاذ تدبير وقتي خلال الإجازة القضائية! رغم أن الأحكام الصادرة من قاضي الأمور المستعجلة هي تدبير مؤقت من اجل حفظ حقوق الأطراف المتنازعة لكي لا تتعطل أثناء فترة الإجازة القضائية ووفقاً لنص الحكم فهي لا تمس أصل الحق الذي يجب النظر فيه أساساً من قبل قاضي الموضوع. إذاً كان يُفترض أن تقدم دعوى أصلية في الأمر أمام قاضي الموضوع في المحكمة التجارية للنظر في الإجراءات كلها وله الحق الوحيد بعد النظر في الحيثيات والاستماع لكافة وجهات النظر في تقرير ما يحفظ حقوق كافة الأطراف، ويؤكد المصدر القانوني أن ما حدث حتى الآن هو أن القضية تمضي في مسار قانوني مؤسس بشكل خاطئ حيث تحول حكم مؤقت إلى قاعدة إجراءات قانونية متلاحقة أدت في مجملها إلى البدء الفعلي بتصفية الشركة الوطنية للمرطبات خارج القانون وهي الشركة التي ستصبح نموذجاً مثالياً لما يُحدثه القضاء من أضرار تدمر الاستثمار الوطني وتخلق بيئة طاردة أمام الاستثمارات الخارجية التي ستتخذ هذه القضية معيارية بالنسبة لها بما يتعلق بـ "أمان" استثماراتها وقدرتها على الانتصاف في حال التنازع مع أي جهة كانت.
أخيراً .. يتعين على الجهات الرسمية النظر بجدية لقضية تصفية مصنع وطني قدم طيلة 31 عاماً صورة ايجابية لمناخ الاستثمار في اليمن وهي مناشدة لكافة الجهات الحريصة على تنامي الاستثمارات في البلاد ،للتدخل من أجل إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح. كي يستطيع 700 عاملاً العودة لوظائفهم التي فقدوها دون أن يكترث لحالهم أحد.

هناك 5 تعليقات:

  1. عمل صحفي كبير يستحق منا الإحترام والتقدير لك لكن إسمح لي أن أضيف لك هذه النقاط المهمة:
    1. الحقيقة أن مصنع الكندا دراي مصدر أطماع لكثير من التجار الجدد وهم من أبناء المسئولين وهم بإنتظار الحصول على المصنع كغنيمة وبدون مقابل فجعلوا المختلفين يتصارعون لكي ينتهي المصنع لصالحهم.
    2. فشل القضاء اليمني للمرة الألف وهو الذي يتم إعلان إفلاسه بهذه القضية فبينما تمكنت دول العالم من حل نزاعات مالية تفوق ميزانيات العالم العربي بكله فشل القضاء اليمني بحل نزاع تجاري بسيط لا يتعدى كونه إختلاف على الديون بين الدائن والمدين. 3.أما البعد الأخر الهام فهو مقزز ومناطقي فالمصنع يقع بمنطقة صنعاء ومالكوه والمختلفين في القضية من منطقة تعز وفي هذه الإيام هناك تصفية غير معلنة للتجار من منطقة تعز ومن يتابع الأحداث سيعي مأقول تماما وهذا بنظري البعد الأخطر ولكن من سيعي ذالك فالمختلفين في هذه القضية جميعا من تعز وهي وسيلة لتصفيتهم جميعا سوءا شمسان(صاحب الكندا دراي) أو الأسودي (صاحب البنك الاسلامي) أو الزريقي (وكيل التسويق.....الأن دور شمسان كما سبقه الاصبحي وغيره وغدا سيكون دور الأسودي والزريقي وكل عيال "عبده" كما يقولون.
    أشكرك على هذ العمل الرائع

    ردحذف
    الردود
    1. هنا مربط الفرس و اشد على يدك و كان الاولى ان يكون التحقيق الصحفي ان يشير اليها كحقيقة تعري كل الجهات المشاركة في هذه المؤامرة على تعز و تجار تعز لانه حتى الاجراء القانوني و القضائي كان يسلك طريق لا اعتقد ان يقبله اي قانوني او قاضي يخاف الله في حقوق الناس و في عمله

      حذف
  2. صابر الزريقي9 أكتوبر 2010 في 7:38 م

    صابر الزريقي :عمل صحفي يستحق منا الاحترام والتقدير لكن اسمح لي ان اضيف لك هذا النقاط المهمه جداُوللغاية:
    اولاُ المصنع الذي تتكلم عنه قد انتهى منذ مده تتجاوز ابع سنوات ونصف وقد تم اعلان ارضيه مصنع الكندا دراي صنعاء بالمزاد العلنـــــــي في صحيفه الثوره الرسميه( تمليك لصالح طه الزريقي بجزء ماحكم له من المديونيه الذي عند عبد السلام شمسان واولاده
    ثانياُ:تم الاعلان ببيع المكائن بالمزاد العلني لصالح البنك الاسلامي في صحيفة الثورة
    ثالثاُ:الشركه العالمية سحبت امتيازها اي العلامه التجاريه ولم يبقى لهم اي صفه قانونية في المصنع غير انهم جالسين بقوه السلاح ولكن يصحفي محمد الحكيمي المحترم انك لاتعرف القضيه كما هي في الامر الواقع غير انك تعلم بها ماقبل خمس سنوات ولكن يجب ان تعرف ماذا تتكلم قبل ان تنشر الخبر وهذه الارضية ومنشأتها ملك لطه الزريقي
    رابعاُ: ولكن الاستثمار يحكمي مش بأخذ حقوق الاخرين ونكرر بأن المصنع الذي تتكلم عنه قد انتهى منذ اربع خمس سنوات وانت نايم يحكمي الله يعينك على الطلوع ونتمنى لك في اي عمل صحفي ثاني انت تعرف اولاُ ماذا يحدث ثم تتكلم

    ردحذف
  3. ربما يكون الحكيمي بالفعل كعادته ق تعج بنشر لخبر ، للسعي ربما وراء سبق صحفي يعود به خطوة للوراء ، ولكنذلك لا يهم - أوافق الرأي الأول في حديثه عن التجار الجدد والحرب غير المعلنة ضد " عيال عبده "
    وأوافق الرأي الثاني في تهور الحكيمي بالنشر.

    ردحذف
  4. أرى أن الكاتب تناول الموضوع من اجل الانتصار لحقوق العاملين فيه اللي خسروا وظائفهم وهذا جانب انساني محترم وكويس ان يتناوله صحفي كما فعل كاتب الموضوع.
    أوافق رأي صاحب التعليق الأول ولا يوجد منطقاً لما يقوله صاحب التعليق الثالث في التلميح المشكك بنزاهة من يريد المطالبة بحقوق الضعفاء والمظلومين من ابناء الشعب اليمني الكادح.

    ردحذف