التسميات

24 أبريل 2012

موانئ دبي تتسلى بـمـيـنائـنا الوطني


* محمد الحكيمي
ربما كانت هذه هي المرة الأولى التي تولي فيها شركة موانئ دبي العالمية اهتماماً بميناء عدن الواقع تحت إدارتها، منذ توقيع الاتفاقية التي تمت أواخر العام 2008 ، بعد تجميد متعمد لأنشطته دام 3 سنوات ونصف، تراجعت فيه حركة عمليات شحن وتفريغ الحاويات دون غيره من الموانئ التابعة لموانئ دبي العالمية.
وفي الأسبوع الفائت،استقبلت محطة الحاويات بميناء عدن ، السفينة "كوتا كاروم" والتي وصفها مدير موانئ دبي العالمية بواحدة من أكبر سفن شحن الحاويات التي تزور عدن.باعتبارها أول سفينة عملاقة ترسو بالميناء اليمني ، وكأن ميناء عدن حاز على مكافأة ملائمة تعوض كل سنوات الهدر.

وما يبدو مدهشاً للغاية،هو أن إدارة موانئ دبي-عدن العالمية سارعت بالحديث بلغة يملؤها الفخر، عن طول سفينة الحاويات التابعة لشركة "باسيفيك إنترناشونال لاينز" السنغافورية، البالغ نحو 300 متر وعن قدرتها الخارقة في حمل 6606 حاويات نمطية ، وبدأ الأمر باعتباره حدثاً تاريخياً صنعته إدارة موانئ دبي لميناء بلد لا يملك الكثير من الحظ ، ليبدو الأمر وكأنه قادر على إعفاء مؤانى دبي من كل ذلك التقاعس الذي جمد أقدم وأشهر ميناء لطالما عرفه العالم.
تقريباً، ترسو عشرات السفن الضخمة في موانئ دبي وجدة ، ولا يأخذ الأمر على محمل الاهتمام الذي وصل حد إطلاق التصريحات الرنانة لرسو سفينة استغرق بقائها لجانب الرصيف نحو 21 ساعة و14 دقيقة. ثم غادرت الميناء في حين ان التصريحات الاحتفائية بها من قبل قيادة مجموعة موانى دبي لم تتوقف بعد.
مسالة الاهتمام هذه ، طرأت الآن من قبل إدارة موانئ دبي المملوكة لحكومة إمارة دبي ، نتيجة استياء شعبي من الحالة التي وصل إليها ميناء عدن العريق, وهو الأمر الذي قاد لخوض مفاوضات رسمية قام بها وزير النقل واعد باذيب مطلع هذا الشهر، طالب فيها إدارة دبي بمراجعة الاتفاقية الموقعة مع المؤسسة اليمنية لميناء خليج عدن، والتي أوقفت نشاط الميناء بعد حالة الركود طيلة 3 سنوات ونصف.
الوزير باذيب أعلن فور عودته من إمارة دبي قبل أيام بأن: "ميناء عدن سيستقبل 377 سفينة بنمو يقارب الضعف مقارنة بالعام الماضي رغم القيود والوضع الذي وصل إليه الميناء نتيجة تقاعس شركة دبي العالمية المشغلة له في تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاقية" طبقاً لقوله.
بيد أن الأمر يبدو مختلفاً جداً بالنسبة لما يراه القائمون على موانئ دبي .. فبالنظر لما قيل يبرز بون شائع بين نظرتين منفصلتين.
يقول القبطان فيصل القحطاني، وهو نائب الرئيس الأول ومدير عام موانئ دبي العالمية لمنطقة الشرق الأوسط: إن رسو هذه السفينة الضخمة في ميناء عدن يؤكد مجددا أهمية ودور موانئ دبي العالمية-عدن كبوابة للبضائع العابرة ذات كفاءة عالية وأهميتها للاقتصاد الوطني اليمني. ونود أن نثني على فريق موانئ دبي العالمية - عدن،على القدرات الهائلة التي أظهرها من خلال تفريغ حمولة سفينة بهذا الحجم بسلامة وكفاءة".
ويقول القحطاني: "لقد نجحت إدارة موانئ دبي العالمية-عدن من خلال القوة العاملة الماهرة التي لديها وتقنيات المناولة المتطورة على الرصيف، بإجراء عملية إفراغ وتحميل ناجحة للحاويات تم التدرب عليها جيداً في السابق من أجل إنجاز العمل في وقت قياسي تماشيا مع توقعات العملاء".
وفي معرض الحديث عن المنجز المبالغ فيه، يقول آرثر فلين، مدير عام موانئ دبي العالمية-عدن: "تعتبر سفينة الشحن كوتا كاروم واحدة من أكبر السفن التي تقوم بزيارة محطتنا، ونود أن نشكر باسيفيك إنترناشونال لاينز على الثقة التي وضعتها في قدرات وخدمات موانئ دبي العالمية-عدن".
ويضيف فلين : "لقد مكنا الميناء ذي المياه العميقة الذي تُديره موانئ دبي العالمية إلى جانب الكفاءات التشغيلية المُثبتة من استقبال مثل هذه السفينة الضخمة، ونحن فخورون لأن فريقنا التشغيلي كان قادراً على إنجاز العمل بسلامة وخلال وقت ممتاز..ومع عمق الرصيف الذي يبلغ 16 متراً تحتل موانئ دبي العالمية-عدن موقعاً استراتيجياً كميناء هام يلبي احتياجات المستوردين والمصدرين اليمنيين".
السيئ في الأمر،أن موانئ دبي كمستثمر عالمي، تعي تماماً أن ميناء عدن يشكل موقعاً متميزاً من بين موانئها وموانئ العالم ، كونه يتيح له المنافسة في مجال أحجام بضائع الترانزيت التي تشهد نموا ملحوظا في منطقة البحر الأحمر الحيوية. بيد أنها تعمدت إهماله وتجميده مقارنه مع اهتمامها بمينائي جدة وجيبوتي الواقعان تحت إدارتها.
تخيلوا أن حركة الحاويات في ميناء عدن طوال فترة التجميد، كان يفترض بها الوصول لأكثر من مليون ونصف حاوية سنوياً ، لكن هذا لم يحدث قط، فإجمالي مناولة الحاويات وصلت حتى نهاية العام 2011 إلى 160 ألف حاوية فقط ، بالرغم من أن مناولة الحاويات قبل الاتفاقية المخولة لموانئ دبي كانت تصل حوالي 560 ألف حاوية، وهذا يعني فقدان الميناء لحوالي 500 ألف حاوية في السنة الواحدة.
يبقى ما هو مؤكد ، أن الأمر كان بالنسبة لشركة موانئ دبي يعني تجميداً ممنهجاً لمحطة الحاويات ونقل الشركات الكبرى الناقلة للحاويات إلى موانئ أخرى ذات أولوية لشركة دبي ، ومنها ميناء جيبوتي وهذا ما حدث بالضبط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق