التسميات

13 أبريل 2009

سقطرى المنسية !


محمد الحكيمي
الصورة رديئة للغاية ، غير أننا لا نجرؤ على الاعتراف بأن هذه هي الحقيقة .
لقد اتسعت الرداءة ، وأصابت المدن بالإخفاق . لكن الخبر السيئ أن ثمة أمر رديء يحدث الآن في جزيرة سقطرى .
الأمر يتعلق بانتقال ذلك الفساد الذي عانت منه المدن ، ليصل إلى جزيرة سقطرى ، لدرجة أنها صارت تخطو في طريق لأن تصبح بيئة طرد مركزي تجاه نوايا الاستثمار ، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالاستثمار الأجنبي ، وهذه كارثة.
لقد بلغ الأمر حدا يجب التنبه له ، ومؤخرا أرتفع صوت أحد المستثمرين الخليجيين بنبرة استياء جراء ما حدث له في الجزيرة حينما قرر إقامة استثمار سياحي هام ، فأرتطم الرجل بالرداءة التي قوبل بها حين أقدم على شراء الأرض .
الرداءة التي يعاني منها المكان . هي عدم الاكتراث لأهمية ما ينوي البعض القيام به ، بيد أن ثمة من يذهب للقول بأن رداءة سقطرى تتعلق بإهمال المنطقة سياحياً، واقتصار الاستثمار لصالح فئة تود احتكار المكان ، دون إحداث فارق جاد . وهنالك قصص عدة لرجال أعمال عزموا فعل الكثير ، لكنهم فؤجئوا بكومة من العراقيل .
الحقيقة أن الجزيرة التي سحرت العالم بندرة كل ما هو موجود فيها ( وهي ميزة أرض لم يكن لنا فيها خيار ) تحاول أن تكون أكثر مرونة بالرغم من تعرضها للكثير ، فقد ظلت سقطرى سجنا ً كبيرا ً للمعتقلين السياسيين في عهد سلطة ما قبل الوحدة في الجنوب . ثم صارت مجرد أرخبيل يهواها الأجنبي ويعرف عنها أكثر مما يعرف عنها اليمنيين . ولم يلتفت أحد إلى العجائب التي تملكها الجزيرة كأكبر مقصد نادر من مستودعات الطبيعة في العالم .
ما من سبب مقنع نملكه لتبرير سنوات الهدر التي مرت بها سقطرى ، دون أن نهتم بها كمنطقة تحظى بندرة شديدة على كافة المستويات ، ولا يمكن لنا إنكار حضور الأجنبي الذي كان دائما يلفت انتباهنا لأهمية سقطرى من منظمات ومؤسسات وبعثات علمية وكيانات . لكننا بعد هذا كله لم نستطع القيام بشيء للترويج لها أمام العالم لتكون بمثابة التقدير على ما عداه .
سيخبرك الناس في سقطرى عن سماعهم بأن الاتحاد الأوروبي سيتولى إدارة الجزيرة ، بعد أن يتسلمها من الحكومة اليمنية عما قريب ، ويأتي الأمر في سياق اهتمام عالمي كبير ، باعتبارها ثروة للعالم كله وليس لليمن فحسب ، فهي الآن ضمن قائمة عجائب الدنيا السبع .
ربما كان توجيه الرئيس علي عبد الله صالح مؤخرا ً بإلحاق جزيرة سقطرى إداريا ً بوزارة الإدارة المحلية خطوة هامة في مسار استقلالية سقطرى كي تصبح محافظة يمنية مستقلة تحظى بكل شيء ممكن ، وهي بحاجة لذلك فقد عانت كثيرا ً من كونها تابعة لمحافظة حضرموت.
وعلى طول السنوات لم تحتل سقطرى موقعا ً ولو أدنى ، من حظوظ الاستثمار ، ولم تحظى بمبادرات نوعية لجعلها في الصدارة ، غير أنها حصلت على اهتمامات فردية قام بها عدد من المهتمين بشكل شخصي ، ولعل الباحثة البريطانية " ميرندا موريس " قامت بالكثير تجاه سقطرى لسبب أنها أحبت الجزيرة النادرة بمجرد أن زارتها لأول مرة في العام 1988 ، وهو ما دفعها لتأليف كتاب عن النباتات والطيور والحشرات في سقطرى بمشاركة باحثين ، لدرجة أنها مكثت في الجزيرة مدة طويلة قضتها في تعلم اللغة السقطرية ، وما هو غريب على الفعل اليمني هو أن حماس البريطانية ميرندا قادها لأن تعمل بجهد من أجل انجاز مشروع للبيئة يوثق لمرجعية علمية متكاملة لكل كائنات سقطرى النادرة . لكن هل أكتفت ميرندا عند هذا الحد ؟ لا . المدهش أنها لم تتوقف بعد ، فقد عملت مع السيد أحمد السقطري ( وهو أحد رجال الأعمال اليمنيين والمقيمين في سلطنة عمان ) على تأسيس (متحف تراث سقطرى) والذي تأسس بتمويل شخصي من السقطري ، ليتم افتتاحه بنجاح في الحديقة الملكية في ادنبره العام 2006 ، بعد جهد شاق ومضن من قبل ميرندا و السقطري .
كل هذا أمر جيد ! لكن أين يكمن دور رأس المال اليمني تجاه ذلك . ليست هناك مبادرات خلاقة باستثناء القليل . لنتحدث مثلا ً عن ما قامت به سيدة الأعمال لينا العبدول فهو مبعث فخر، كونه كان مبادرة من شابة يمنية تحمست لفعل الكثير لبلدها . لقد قامت ( العبدول ) بإطلاق مشروع بيئي للحفاظ على طبيعة سقطرى وحمايتها من التلوث ، من خلال رصدها لأسواق سقطرى ، وجدت (العبدول ) أن الأكياس البلاستيكية تسطو على مساحات تتسع في كل الأمكنة ، وهو ما قادها لاستصدار قرار مدعوم من السلطات المحلية بالجزيرة لمنع دخول واستخدام أكياس البلاستيك المصنوعة من المواد السامة واستبدالها بأكياس ورقية يتم تلفها دون إضرار البيئة ، كان ذلك الجهد يتطلب من ( لينا ) أن تؤسس منظمة مدنية أطلقت عليها اسم ( مؤسسة سبرا للتنمية وسبرا هو اسم لشجرة طبية في سقطرى). وتبحث ( لينا ) الآن إمكانية إنشاء مصنع أكياس ورقية يخص الجزيرة . انه عمل خلاق وطموح قلما يحدث في مكان بعيد لمنطقة منسية لا يزيد سكانها عن 100 ألف نسمة . وفي معرض الحديث عن مبادرات رجال الأعمال فهنالك من يستحق الإنصاف كونه يتحدث باستمرار للجهات الرسمية لكل ما يهم سقطرى وهو رجل الأعمال أمين درهم الذي لا يتوقف عن الحديث عن سقطرى أمام البعثات العلمية عبر جمعية الصداقة اليمنية الألمانية التي يرأسها للخروج بمشروع خلاق .
ما تحتاجه سقطرى أكبر من التحدث عنها بتفاخر كونها أرض تخصنا دون القيام بشيء . ولو حدث بالفعل وتولى الاتحاد الأوروبي إدارة شؤونها فربما لن نكون حينها إلا مجرد سياح لا يملكون سؤى حق الزيارة ، في حين أن الأجانب كميرندا استطاعوا فعل ما هو أكبر .
نشرت في صحيفة الجمهورية - ملحق اليمن السياحي - 13 ابريل 2009 .

هناك تعليقان (2):

  1. محمد السقطري4 يناير 2010 في 3:15 م

    الصحفي محمد الحكيم اشكر جزيل الشكر على ما سطرتة
    اناملك عن الساحرة سقطرى .سقطرى السعادة اوكما شئت ان تسميهالها اسماء والقاب كثيرة ,انا ما احتواة موضوعك فهو يدق في صميم معانات سقطرى واهلها على الامد الطويل في ضل عدم الاهتمام برونقها الساحرة ومكانتها الطبيعيةولو كانت سقطرى تابعة لدولة اخرى
    لكان هناك اهتمام اخر وعمل جاد في الحفاظ على تلك الصورة البديعية.اهل سقطرى يعانون من ابسط الاحتياجات البسيطة وانا سقطري وعايش في سقطرى واعلم بالحال.سقطرى التي اصبح يهواها الاجانب وكل من يبحت عن السعادة مهملة من قبل الحكومة الرشيدة التي تقول سعت وعملت ونحن لا نرائ الا اليسير.
    كل اهل سقطرى يطالبون ان تكون سقطرى محافظة لحالها نظراً لمكانتها وحقوقها المهضومة من قبل المحافظات الاخرى.

    محمد السقطري

    ردحذف
  2. مقال جميل وهادف بالنسبه لأحمد السقطري هو مواطن عماني وليس مقيم في سلطنة عمان مواطن يحمل جنسية عمانية .
    اما من ناحية فوائد الحكومه اليمية اتجاه سقطرى فهي لا تذكر لان اليمن لم تهتم بسقطرى قديما وحديثا وهذا ما الزم السقطريين بالهجره الى دولة الامارات العربيه المتحده التي استقبلتهم واكرتهم ومنحتهم الجنسية الاماراتية ومازالت تمنحهم الى هذه اللحظه وكذلك دولة قطر
    اما اوروبا وامريكا سيكون لها موقف مختلف اتجاه سقطرى خلال السنوات القادمه وهذا ما قاله لي احد الدبلوماسيين البريطانيين اثناء زيارتي الى ()

    شكرا جزيلا لك

    خليفة السقطري

    ردحذف