توربينات توليد الرياح . الصورة: اف برس. |
*
محمد الحكيمي
بالنسبة للحكومة
اليمنية، فأنها تعي أمراً أو أمرين، في أن توليد الكهرباء من طاقة الرياح، يحافظ
على البيئة، وأن خفض معدلات تغيّر المناخ الذي يتسبب بانبعاث ثاني أكسيد الكربون
هو أهم ميزات توليد الطاقة بواسطة الرياح. كونه خالٍ من الملوّثات الأخرى المرتبطة
بالوقود الأحفوري والمصانع النووية.
لكنها في المقابل لا تكترث لكل مشاريعها المعلنة
والمتكررة أمام المانحين والصحافة والرأي العام، والتي غالبا لا تـُنـفذ.
الخبر السار: هو
أن الحكومة قررت أخيراً السير في نطاق استخدام موارد الطاقة المتجددة الوفيرة في
البلاد، من أجل توليد الكهرباء التي فاقمت معاناة الناس، ولعل مصادقة البرلمان
اليمني نهاية ديسمبر 2012، على اتفاقية قرض لإنشاء أول مزرعة للرياح
لتوليد الكهرباء في تعز، يدفع باحتمال أن البلاد ستشق طريقها بصعوبة في مضمار الاستخدام
الذكي للطاقة المتجددة.
بدأت فكرة إنتاج
الكهرباء من طاقة الرياح في العام 2007، كمشروع حكومي تم طرحه، من أجل تنويع مصادر
الطاقة، والحفاظ على البيئة، وأعلنت الحكومة اليمنية آنذاك اعتزامها إنشاء أول
مزرعة رياح في اليمن، بقدرة أولية حددتها الحكومة حينها بين ١٠- ١٥ ميجاوات، في منطقة
"المخا" التابعة لمحافظة تعز جنوب غرب البلاد.
وفي أعقاب ذلك
الإعلان الحكومي غير المتوقع، وصلت إلى ميناء "عدن" بعثة أجنبية على متن
سفينة دولية، لتبارك للحكومة اليمنية الشروع بهذا المشروع الحيوي، بقيادة الخبير
الدولي"بول هورسمن"؛ وهو مسئول حملة الطاقة المسالمة في منظمة
"غرينبيس" العالمية المختصة بالشأن البيئي على مستوى العالم.
كانت تلك البعثة
الدولية، تعتقد أن نوايا اليمن لاطلاق هذا المشروع، نوايا جادة، وأنها تأتي من باب
حرص رسمي على البيئة. وحينها، أعرب الخبير"بول هورسمن"، عن ترحيب منظمة
"غرينبيس"، لهذا الأمر، لكنه عبّر في المقابل عن تخوّفه من الأمر.
وفي مؤتمر صحفي
عقده الخبير الدولي على متن سفينة "غرينبيس"، التي وصلت ميناء عدن في 2007، قال
"هورسمن":"لقد أثبتت حكومة اليمن اضطلاعها بدور ريادي في المنطقة
من خلال مخططاتها الهادفة إلى توسيع نطاق استخدام موارد الطاقة المتجددة والمتوافرة
في البلاد. لكننا نتخوّف في الوقت نفسه من الإعلانات التي صدرت مؤخراً حول خطط
تطوير الطاقة النووية".
المؤتمر الصحفي لسفينة غرينبس في عدن 2007.الصورة:جرينسبيس |
كانت مخاوف
الخبير الدولي صائبة، وان لم تكن في محلها، فقد ظل هذا المشروع الخلاق، متعثراً منذ
ذلك الحين، ولم يرى طريقه إلى النور طيلة الخمس السنوات الماضية، نتيجة تفشي نظام
البيروقراطية وانتهاج الفساد، في الجهاز الحكومي للدولة.
وفي مطلع
ديسمبر2010، أرتفع الطموح الحكومي فجأة، لدى مسئولي وزارة
الكهرباء اليمنية، لتنفيذ المشروع ذاته، بعد أن وجدوا ضوءاً أخضر من المانحين الدوليين، ولم يكن ذلك الطموح بدافع الحرص على البيئة أو تفادياً للاحتباس
الحراري، بل لأن الحكومة اليمنية شعرت على الأرجح، بفداحة مصير محطة الكهرباء الغازية
التي انتهت من انجازها في 2010، في واحدة من أشد المناطق القبلية المتوترة.
كانت الاستجابة
الدولية لرغبة الحكومة اليمنية سريعة، وأعلن الصندوق العربي للإنماء ومعه البنك
الدولي، استعدادهما للمساهمة في تمويل مزرعة الرياح بالمخا بطاقة 60 ميجاوات بدلاً
عن 15 التي كانت قد حددتها الحكومة في 2007، وبمبلغ 55 مليون دولار، من إجمالي
كلفة المشروع البالغة 125 مليون دولار.
لكن سرعان ما
تعثر مشروع مزرعة الرياح مجددا،ً بعد أسابيع قليلة من الإعلان الحكومي الثاني عنه
في الصحف الرسمية نهاية 2010، وانتهى به الأمر حينها، داخل أدراج وزارة
الكهرباء، مثله كمثل
مشروع الإستراتيجية الوطنية لكهرباء الريف والطاقة المتجددة، وغيره من المشاريع
التي لا ترى النور.
ومرة أخرى، أعاق نظام البيروقراطية والفساد، نجاح
ذلك المشروع الذي كان سيعمل على
مساهمة الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة بنسبة 30 في المائة من إجمالي الطاقة حتى
العام 2025؛ باعتبار مزرعة الرياح أول مشروع وطني سيسهم في الحفاظ على البيئة،
وتقليل نسبة الاحتباس الحراري، وزيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة في توليد
الكهرباء للتقليل من الاعتماد على الوقود الأحفوري محلياً، وتعزيز أمن الطاقة في
البلاد.
تخيلوا أن انجاز مشروع كهذا، كان سيدفع باتجاه تشجيع
الرساميل الوطنية، على دخول قطاع الكهرباء في الاستثمار في مجال توليدها من مصادر الطاقة
المتجددة النظيفة.
لكن الأمل بعث
من جديد، في موافقة البرلمان اليمني الذي أقر في جلسته يوم الأربعاء 18
ديسمبر 2012، على قرض مشروع إنشاء مزرعة للرياح، بقدرة 60
ميجاوات، في ميناء "المخا"، في إطار الاتفاقية المبرمة بين الحكومة
اليمنية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي (التابع للكويت) بمبلغ 18 مليون دينار
كويتي، أي ما يعادل قرابة 65 مليون دولار أميركي. ولعل المثير للانتباه أن قدرة
الطاقة في مزرعة الرياح هذه، ارتفعت من 15 ميجاوات التي كانت قد حددت في 2007، إلى
قدرة 60 ميجاوات التي أقرها البرلمان في نهاية 2012، وهذا جيد.
وما يبعث على
التفاؤل، أن البرلمان ألزم الحكومة ممثلة بوزير الكهرباء والطاقة، الالتزام التام
بتوصياته، التي أكدت العمل على توفير التمويلات الأخرى المكملة لمبلغ هذا القرض، وفي
أسرع وقت لاستكمال كافة الإجراءات المتعلقة بها، والعمل على سرعة تنفيذ المشروع طبقاً
لمواصفات ومقاييس الجودة العالمية. كما ألزمت توصيات
البرلمان، الكهرباء بإدراج الضرائب والجمارك اللازمة للمشروع بواقع 13% من إجمالي كلفة
المشروع البالغة 125مليون دولار ضمن الموازنة العامة للدولة لعام 2013، إضافة إلى مساهمة
الحكومة، وكذا توفير الاعتمادات المالية اللازمة لتحديد وحجز موقع تنفيذ المشروع.
ينبغي على
الحكومة اليوم، الإصغاء جيداً لنصيحة الخبير الدولي"بول هورسمن"، التي
تقول:إن"الاستخدام الذكي للطاقة، وليس التعفف عن استخدامها، يشكل الفلسفة
الأساسية للحفاظ على مخزون الطاقة مستقبلاً".
وعندما يرتبط هذا الاستخدام الذكي للطاقة بالسياسات
الملائمة التي تدعم تقنيات الطاقة المتجددة وبرامج كفاءة الطاقة، سيشكل العامل الأساسي
والضروري لضمان مستقبل الطاقة في اليمن على نحو يعزز الازدهار الاقتصادي، ويسرّع عجلة
التنمية، ويساعد على تعزيز الأمن، عبر الحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري والطاقة
النووية.
تسلام يا أستاذ محمد احكيمي
ردحذفهل لديك فواتير غير مدفوعة؟ هل لديك ديون تريد تسويتها؟ هل تعاني من صعوبات مالية وتحتاج إلى تأسيس مشروع تجاري؟ هل قام البنك برفضك نتيجة لسوء الائتمان الخاص بك؟ لا تقلق بعد الآن لأن خدمات التقدم المالي على استعداد لمنحك قرضًا بسعر فائدة منخفض. إذا كنت مهتمًا بعرض القرض الخاص بنا وترغب في ذلك
ردحذفتقدم بطلب للحصول على قرض، اتصل بنا اليوم عن طريق الرد على هذه الرسالة أو
ببساطة أرسل لنا رسالة بالبريد الإلكتروني عبر:
info@waheedfinance.com
waheedfinance@proton.me
يعتبر
وحيد حسن