التسميات

03 أغسطس 2009

الـجــديــرة بالـذكــر في ذكراها التاسعة



ربما كانت الأغاني الوحيدة المنسية والغائبة في سجل التراث اليمني ، هي أغاني الفنانة اليمنية الراحلة عفراء هزاع، أو "عوفرة حازة" كما يناديها العالم كله ، ذلك أن تراثها الغنائي ظل حتى اليوم منسياَ في اليمن ، كونها لم تبدأ تجربتها الفنية فيه ، في حين أن المزاعم التي تبرر نسيانها محلياً لكونها يهودية الديانة. تظل تظليل محض.
الحديث عن "عفراء هزاع" يعني الحديث عن الأغنية الشعبية اليمنية أكثر مما يعني الحديث عن مطربة عالمية برزت من عائلة يهودية يمنية هاجرت قديماً إلى إسرائيل. فعشق اليمن وتراثها الفني وبساطة الحياة كانت من العوامل الرئيسية المؤثرة التي رافقت عفراء في نشأتها حتى أصبحت رمزا للنجاح غير المتوقع في أوساط الجالية اليهودية من ذوي الأصول اليمنية، ولعل تأثرها وحبها لأصولها اليمنية مكنها من الانتشار في الشرق الأوسط والعالم على حد سواء.
ولدت عفراء حسن يحي هزاع في 19 نوفمبر 1959 في حي (هاتيكفاه) الفقير في تل أبيب وكانت الابنة الصغرى بين 9 أشقاء لعائلة يهودية من أصل يهودي كانت قد هاجرت إلى إسرائيل عام 1948، عانت عائلتها من الفقر المدقع في وسط الحي الذي وصف بالفقر في تل أبيب لكنها تجاوزت المحن التي رافقتها بالغناء، في سن الثانية عشرة انضمت إلى فرقة مسرحية يديرها (بيتسليل ألوني) الذي فوجيء بموهبتها الغنائية المميزة وقد سلط الأضواء في العديد من أعماله حولها ثم أصبح فيما بعد مدير أعمالها ومستشارها الفني، وفي الـ 19 من العمر أصبحت عفراء (أميرة أغاني البوب) في إسرائيل وقد وصفها النقاد آنذاك بلقب (مادونا الشرق) .
في العام 1979 انتهت عفراء من خدمة التجنيد في إسرائيل وغدت بعدها جاهزة للانطلاقة كمطربة مستقلة تقدم الفن الجميل، كان الجميع في إسرائيل باسم (عوفره حازة)، طرحت أول ألبوماتها في العام 1980، والذي حمل إسم (عن حبنا) وقد تصدر الألبوم قائمة المبيعات في إسرائيل حينها، كونه كان يشكل بطاقة تعريف بعفراء في إسرائيل، وخصوصا أغنية (المستضعفة) وقد كتبت في فيلم لعبت فيه عفراء دور البطولة لكن الإذاعة الإسرائيلية رفضت بث هذه الأغنية بسبب كلماتها الصريحة بالرغم من تصدرها قائمة الأغاني لمدة خمسة أسابيع.
خلال عامين طرحت عفراء ألبوميها الثاني والثالث وقد حظيا بنجاح باهر لدى الجمهور وحظيت عفراء بامتياز خاص لدى كتاب الأغنية المشهورين في إسرائيل لكنها لم تكتف بالنجاحات الداخلية فقط حتى صعدت إلى مستوى جديد من النجاح والشهرة، فتمكنت من المنافسة في مهرجان الأغنية الأوروبية (اليورو فجين) وحازت على المركز الثاني بقوة في أغنية (حي) وقد حققت أعلى مستوى مبيعات في إسرائيل حتى اليوم وطرحت بعدة لغات منها العربية حتى ترشيح عفراء كأجمل صوت نسائي لأربع سنوات.
كانت عفراء تطرح ألبوماتها المتوالية متضمنة أغاني لكبار كتاب الأغنية في إسرائيل وخلال مسيرتها الفنية طرحت أكثر من 40 ألبوما غنائيا و28 فيلما ومسرحية.
لعل نقطة التحول الكبرى في تاريخ عفراء كانت مجموعة من الأغاني الشعبية اليمنية التي حملت عنوان (أغاني اليمن) في العام 1984 ولعلها الأكثر حبا لملايين المستمعين في العالم وهي تحظى بمكانة الأفضل عالميا من حيث المبيعات وقد تميز هذا الألبوم بتقديم الآلات الموسيقية الشعبية اليمنية، ومجموعة من الأغاني التي كتبها الحاخام (سالم الشبزي) وقد منحت عفراء العديد من الجوائز العالمية والاسطوانات البلاتينية تقديرا لهذا الألبوم.
أثارت عفراء جدلا واسعا في العالم بصورة متوالية وكانت إذاعة kcrw-fm قد أجرت حوارا مع عفراء في 1993 وتحدثت آنذاك عن والديها اليمنيين وعن طفولتها وعشقها للأغاني الشعبية اليمنية وحول ردها عن مشوارها الفني تحدثت عفراء عن الفقر وتجاهل حكومات إسرائيل لحيها الفقير وكيف نجح أهالي هذه المنطقة عن طريق الاحتجاج من قلب الأمور.
إن تميز عفراء عالميا جاء مرافقا لنجاح أغنية (إيم ننعيلو) وهي أغنية من التراث اليمني من كلمات الحاخام الشبزي (اليورو فيجين) وتصدرت قائمة الأغاني الأوروبية وعرضت على شاشة قنوات إم تي في حول العالم.
هذه الأغنية أعيد إصدارها عدة مرات وأصبحت المفضلة في صالات الرقص في إوروبا وأمريكا حتى أنها تربعت عرش الأغاني في ألمانيا لتسعة أسابيع.
كل هذا النجاح دفع عفراء لتقديم أغاني سحرت العالم للمرة الثانية تحمل نفس الطابع اليمني مثل أغنية (الدودحية) و(قلبي) حتى حازت عفراء على جائزة (غرامي) وتحديدا عن أغنية (الدودحية).
غنت عفراء أمام العالم باللغة العربية التي تحمل اللهجة اليمنية وكذا بالإنجليزية والفرنسية أما بالنسبة للعبرية كان ألبومها الذي يحمل إسم (روحي) أول ألبوماتها باللغة العبرية في العام 1994 وقد تضمن أجمل أغاني عفراء (بامتداد البحر)، هذه الأغنية تحولت بعد ذلك إلى النشيد الوطني بعد أداء (عفراء) لها في الحفل التأبيني لرئيس الحكومة الإسرائيلية إسحق رابين، الذي أقيم بعد أسبوع من اغتياله.
إلى ذلك أقدمت عفراء على إعادة إنتاج أفضل ألبوماتها (أغاني اليمن) بصورة عالمية وكذا (معبد الحب) و(لهذا السبب يقع الناس في الحب) وأشركت مجموعة من المطربات والمطربين العاليمين أمثال (توماس دولفبي) في أغاني اليمن، و(إيجي بوب) في (الدودحية) و(امنحوا السلام فرصة).
في نهاية 1998 انظمت عفراء إلى الفنان الباكستاني (علي أكبر خان) لإنتاج ألبوم (دورة الصلاة) في احتفالية خاصة وضخمة تحتفي بالإرث الموسيقي الإسلامي اليهودي المشترك.
شاركت في الكثير والكثير من المهرجانات الدولية وتحدثت بإسهاب عن ذكرياتها في اليابان وتركيا وشاركت في حفل توزيع جوائز نوبل في أوسلو عام 1994، وعندما وقفت إلى جانب (سيمياد أوكونو) أحد أهم دعاة السلام واستلمت إثر ذلك دعوة رسمية من الحكومة اليمنية لزيارة اليمن، وقد وافقت عفراء بعد بدء التحضيرات لذلك.
ماه و أهم من أي شيء آخر أنها مثلت في العام 1998 فيلم بعنوان (العدل المطلق) والذي يدور حول قضية اختطاف الأطفال اليمنيين في إسرائيل وقد حظي الفيلم بتعاطف الملايين وما لبث الفيلم أن منع من العرض.
يمكن وصف رحيل عفراء بالخسارة الفادحة، ذلك أنها توفيت في العام 2000 متأثرة بذات الرئة وكذا إصابتها بمرض الإيدز الذي انتقل إليها من زوجها رجل الأعمال (دورن شيكنازي) والذي انتحر بعدها بعام ولم ينجب أطفالا.
بعد إعلان خبر الوفاة قامت المحطات الإسرائيلية بإعادة بث أغاني عفراء بصورة متواصلة وبثت سبب الوفاة نتيجة ذات الرئة وليس الإيدز احتراما لمشاعر عفراء التي رفضت وعائلتها الإفصاح عن الأمر قبل وفاتها لكونه كان يشكل رغبة في بقائه سرا لدى عفراء وقد نعاها إيهود باراك آنذاك قائلا :" وفاتها خسارة كبرى لإسرائيل وصلت بإسرائيل إلى قمة الثقافة الفنية وتركت أعظم الأثر في نفوسنا".

هناك تعليقان (2):

  1. ليست عفراء هي وحدها من حضيت بالشهرة بل الى جانبها الكثير من اليمنيين فهناك بواز شرابي و كوكب الاغنية العبرية شوشانا دماري ( شمعة ) والكثير من المطربين الشباب امثال ايال جولان وصهيون أو زيول جولان ودانا انترناشيونال و كوهين وكلهم يتغنوا بأصولهم اليمنية كما ان الموسيقى والرقص اليمني أيضا المذهب الديني اليمني له مدرسته الخاصة المستقلة في اسرائيل كما يعتبرون ان عرق التماني ورجال التماني لهم ما يميزهم ولهم خصوصياتهم هذا ستجده في الويكبيديا .

    ردحذف
  2. أحمد اليماني30 يوليو 2020 في 2:28 م

    هل عفراء هزاع من صنعاء ولا من تعز ؟

    ردحذف