التسميات

25 أغسطس 2009

البكاري : نحن فريق نقابي غير منسجم

حمدي البكاري | تصوير: محمد الحكيمي.


من غير سابق إنذار أعلن الزميل حمدي البكاري رئيس لجنة الشئون القانونية وشئون المهنة بنقابة الصحفيين اليمنيين ، استقالته من رئاسة اللجنة التي كان يرأسها لسبب أو سببين ، غير أنه بدا حريصاً ومترفعاً للغاية عن الإشارة بأصابع الاتهام نحو من قاده لاتخاذ قرار الاستقالة ، فليس بمقدور أحد إدانة نفسه ، غير أن الرجل كان صادقاً كفاية كي يقول للجميع أنه لم يقم بشيء ، وبعيداً عن الأسباب التي قادت البكاري لتقديم استقالته ، فإن الموقف الذي قام به الرجل يحسب له بجدارة ، ذلك أننا في بلد يندر فيه المتصالحين مع أنفسهم . . وقد تحدث حمدي البكاري إلى ( مدونة محمد الحكيمي ) عن أمور هامة كانت كفيلة بإماطة اللثام عن ما يعتمل داخل الكيان النقابي الأبرز في اليمن . . إليكم مقتطفات :
نتحدث أولاً عن آخر المستجدات في نقابة الصحفيين .. وهي شائعة استقالة حمدي البكاري من رئاسة اللجنة القانونية .. ما الذي حدث بالضبط ؟
فعلاً , قدمت استقالتي من رئاسة اللجنة القانونية وشئون المهنة ، قبل ايام ، وذلك لأسباب كثيرة ، وأتمنى أن يقف مجلس النقابة أمامها في محاولة لإجراء إصلاح حقيقي وفاعل .

قلت أنك قدمت استقالتك لأسباب كثيرة .. ما هي تلك الأسباب ؟
من الصعب اجمال الاسباب ولكنها مرتبطة بالأداء العام للنقابة الناجم عن خلل داخلي مثل تداخل الاختصاصات وانعدام المؤسسية ، واتخاذ قرارات متناقضة أحيانا وعدم تنفيذ البعض الاخرى وبصورة عامة غياب رؤى تحديثة
كمجلس جديد تستوعب عناصر الضعف في النقابة ويتحول معها المجلس الى مستوى اتخاذ قرار قوي في ظل ماتعيشه المهنة ومنتسبيها من اوضاع صعبة ولا انسى هنا الإشارة الى عدم اعتبار البيان الختامي للمؤتمر الأخير للجمعية العمومية كمرجعية أساسية في نشاط النقابة وتوجية حركتها .في الحقيقة نحن كمجلس نتعامل من موقع ردة الفعل لما يحدث ولم نصل بعد الى ان نكون اصحاب الفعل, لدينا هدفنا وخططنا وبرامجنا ولذلك تستهلكنا نقاشات مستمرة وطويله لنكتشف لاحقا ان ما جنته النقابة ليس سوى القليل دون حتى وقفات تقويمية, لذلك وجدت من الصعوبة أن أقوم بمهمة رئاسة لجنة تفتقد للصلاحيات ، وفضلت ان استقيل من رئاسة اللجنة كخطوة اتمنى معها ان نعيد النظر في اليات عملنا وممارسة نوع من النقد الذاتي الايجابي على امل العمل بطريقة جديدة وحضارية ومتطورة.

باستثناء عدم الأخذ ببيان المؤتمر .. فان الأسباب التي ذكرتها كانت موجودة مسبقاً في المجلس السابق الذي كنت فيه ؟ .. فما الذي تغير ؟
لو افترضنا صحة سؤالك فالاصوب ان النقابة راكمت خبرتها واجتازت جوانب الخلل في عملها وإلا فما كان للتطور أي معنى ، فالموضوع اذن مرتبط بمحدودية القدرة على إحداث الفاعلية النقابية النشطة في مشهد عام بائس اصلا لكن ليس من المعقول أن نظل حبيسي رؤى قديمة لتسيير العمل النقابي في البلاد مفروضه من ذلك المشهد الاجتماعي والسياسي البائس مع ان الفترة الزمنية منذ اخر مؤتمر وهي فترة قصيرة جدا لاتتعدى الاشهر لاتسمح بعقد مقارنات او حتى تقييم للمنجز في مجلس النقابة من عدمه لكننا امام مؤشرات ربما ربما تجعل بعض الخطوات المتقدمة التي تحسب للمجلس السابق في طريق متعثر., نحن دائما نبدأ من جديد ونلغي كل ماعملناه سابقا في نفس الموضوع وذلك يحتاج الى إعادة نظر فاحصة لان التراكم هنا يغيب تماماً وتحل محله الفوضى.

لكننا سمعنا أن سبب الاستقالة يعود الى استبعاد المجلس للنقيب الأسبق عبد الباري طاهر من قائمة المشاركين في ورشة عمل انعقدت في الأردن الأسبوع الفائت لمناقشة الخروج بقانون صحافة ؟
الأمر يبدو نقل إليك بصورة غير دقيقة ، فالمجلس حاول استدراك عدم مشاركة الأستاذ عبد الباري طاهر في اللحظات الأخيرة ولكن دون جدوى . ما حدث أنه طلب مني قائمة المشاركين النهائية وبعثت بها وضمنها الأستاذ عبد الباري طاهر وهو صاحب تاريخ نقابي عريق حتما سنستفيد من تجربته وخبرته لكنني فؤجئت لاحقاً أن أسمه لم يرد في قائمة المشاركين وكذلك اسم المحامي الأستاذ نبيل المحمدي المستشار القانوني للنقابة و الذي كان له ظرف خاص بعدم المشاركة وعندما أستوضحت سبب عدم وجود اسميهما عرفنا أنه لم يتم أصلاً ارسال اسميهما من النقابة الى الجهة الدولية المنظمة للورشة بحجة عدم التأكد من إمكانية موافقتهما من عدمه وكأننا نحتاج إلى حمام زاجل للتواصل مع الأستاذ عبد الباري , اذان حدث تجاوز لصلاحياتي وفي ورشة عمل تتعلق بلجنتي ودورها المفترض دون حتى نقاشي بالأمر أو حتى تقديم مبررات مقنعة وبالذات فيما يتعلق بالأستاذ عبد الباري طاهر مع أن كل نقاشاتنا في موضوع الورشة كانت تتم عبر البريد الالكتروني., واذا افترضنا اللبس كان بالإمكان الدعوة الى عقد اجتماع للمجلس لحسم الأمر في وقت مبكر باعتباره مرجعية أي خلاف..., تفاصيل ربما ليست مهمة لكنني بنيت عليها معطيات تستدعي اتخاذ موقف فأبلغت النقيب والزملاء باعتذاري عن المشاركة, وفي الحقيقة انا لايشرفني ولا اقبل مطلقا ان أكون رئيسا للجنة دون أن املك صلاحية اتخاذ القرار فيها اوفي شأن من شئونها واستقالتي من رئاسة اللجنة تنسجم مع قناعتي بذلك وفي سياق عوامل كثيرة تستهدف اثارة القضايا العالقة وتخلف الأداء للنقاش الداخلي في المجلس قبل ان نغادره احتراما لإرادة زملائنا في الجمعية العمومية.

يبدو لكثيرين أن القناعات في مجلس النقابة غير منسجمة ، و باستثناء البيانات التي تصدرونها ليس هناك مشروع حقيقي تسعى النقابة لتحقيقه .. ما الذي تراه ؟
نحن كثيرا ماقد نختلف في المواقف والرؤى وكثيرا ايضا مانتفق لكننا حتما لسنا فريق نقابي منسجم لاننا نمثل وسط نقابي هو ايضا غير منسجم بحكم الواقع القائم ونسميه حقيقة او مجازا بالتعدد والتنوع ., لكننا أيضاً نحن جزء من مجتمع فيه من التناقضات وتباين الخلفيات المعرفية والثقافية والسياسية مايكفي انعكاسه علينا بسهولة، اما التحدي الذي مانزال نخفق فيه كثيراً فهو قدرتنا في التفوق على سلبيات واقعنا والتميز عنه بتقديم نموذج نوعي للحضور والمبادأة , مثلاً واحدة من المحطات التي يجب أن نقيم نقابتنا فيها انعدام المبادرات فيما يخص صعوبة تغطية الصحفيين ميدانياً الحرب في صعدة او الأحداث في بعض محافظات الجنوب ، اليس علينا ان نتحرك في النقابة لمواجهة هذا التحدي حتى نمكن مجتمعنا من معرفة المعلومات الدقيقة ومن الميدان وبالتالي اسهمنا في صنع التحولات في المجتمع.

وكيف ينبغي أن تتحرك النقابة حيال ذلك ؟
استخدام كافة وسائل الضغط المدنية المتاحة دستورياً وقانونياً على أطراف الصراع ، من اجل توفير بيئة عمل آمنه للصحفيين ولوحتى وصلنا الى أمكانية توقيع اتفاقية مبادئ مع هذه الأطراف تلتزم فيه مثلا بعدم تعريض الصحفيين للخطر وتحويلهم الى ضحايا واهداف لمجرد قيامهم بعملهم , اقصد هذا مجرد مثال او استشهاد ويمكننا في النقابة عمل الكثير من الادوار وهي اداور نقدر عليها وليست في خانة المستحيل.

هل يمكن القول أن مشكلة النقابة الحالية هي عدم وجود مجلس واحد يمثل الصحفيين في اليمن ؟
النقابة موجودة ومجلسها يعقد اجتماعاته ويحاول ان يبلور بصمته لكننا غارقون في التفاصيل حتى الان,والقضية ليست في مجلس واحد او اثنين مع ان التعدد النقابي كفله الدستور حتى في اطار المهنة الواحدة متى ماكان ذلك هو خيار الناس، لكن المشكلة الان مختلفةو تتعلق بالمفهوم للفكرة النقابية والذهنية التي تدار بها الفكرة ونظرتها إلى سلبية حركة الدولة و المجتمع والتعاطي معها بنوع من الاستسهال او القبول والتعايش احيانا.

ألا نستطيع اعتبار موقف الاتحاد الدولي للصحفيين تجاه النقابة مؤخراً وتنويهه عن توقيف عضويتها كسبب يكفي للحديث عن إخفاق المجلس الحالي في تكوين هيئة نقابية حقيقية ؟
أي موقف تقصد .

الموقف الذي أشيع بتورط بعض أعضاء المجلس في حملة إيقاف الصحف المستقلة قبل شهور ؟
لم تصلنا كمجلس نقابة رسالة رسمية من الاتحاد الدولي للصحفيين بهذا الخصوص .

لكنكم أصدرتم بياناً رسمياً يدين الأمر ويشير إلى ذلك ضمناً ؟
يبدو أنك تريد الحديث عن رسالة وصلت إلى بعض الزملاء في المجلس من زميل في الاتحاد الدولي للصحفيين تستفسر عن صحة ما تردد في سؤالك ، عموما ويبدو أننا أخطائنا التقدير على الأقل بالنسبة لي شخصيا في اعطاء الموضوع أكبر من حجمه ، فمن يعمل في العمل العام عليه ان يدرك أنه في محل نقد مستمر ولو افترضنا أننا يجب أن نرد على كل نقد ، فهذا يعني ان نتحول الى خصوم مع انفسنا.

كنا نسمع استعدادكم لرفع دعوة ضد وزارة الإعلام لارتكابها مخالفات في إيقاف الصحف .. لماذا توقفت ؟
كثير من قرارات مجلس النقابة تتوقف.

لماذا ؟
لأنه لاتوجد آلية واضحة لتفيذ القرارات و متابعتها ، بل نحن لا نعرف هيكلا إداريا وتنظيميا للنقابة.

أهناك قرار ما يحضرك لم يتم تنفيذه على وجه الخصوص؟
مثلاً .. اتخذ المجلس قراراً باجراء انتخابات فروع النقابة في اغسطس الجاري ولكن حتى الآن لم نقم بشيء باتجاه ذلك ، ولا حتى اعادة النظر في القرار . وهذا يعني أن تقديراتنا في اتخاذ القرارات لا تبدو صائبة دائماَ .

ألا ترى أنك ما زلت تتحدث من موقع رئيس لجنة الشئون القانونية بالنقابة ؟
أعدك أنني لن أعود إلى رئاسة اللجنة طالما استقلت منها، وربما استقيل ايضا من عضوية المجلس إذا استمر الحال كما هو عليه . فالعضوية في المجلس ليست وظيفة ولا واجهة اجتماعية وانما تكليف انتخابي من زملائنا الصحفيين لتسيير امور نقابتنا على اعتقاد منهم بقدرتنا على العطاء لكن متى ما شعرنا بأننا لانقدر على العطاء علينا أن نعود إلى زملائنا ونسعى معا لتغيير الوضع.

ما الذي قمت به كمنجز يحسب لرئيس لجنة الشئون القانونية في النقابة ؟
لم أقم بشيء .

هكذا .. ولاشئ؟
أعترف ولا شيء .. فلاتوجد لائحة تحدد مهام أعضاء هيئة المجلس ورؤساء اللجان وصلاحيتهم وحدود الواجبات والمسئوليات .

لو تحدثنا عن الأمور السيئة في المهنة عموماً.. ما الذي ترى أنه أسؤ ما في الصحافة اليمنية على الإطلاق ؟
أسوأ ما في الصحافة اليمنية هو ظهور نوع من الصحافة الرخيصة والمبتذلة التي تمول أحياناً من المال العام .

تتعامل الحكومة اليمنية مع الصحافة غير الرسمية بشكل تعسفي .. برأيك لماذا ؟
لآن أي حكومة لا تريد أن تسمع إلا صوتها حتى صدى صوتها لاتلتفت اليه، وكذلك بعض الأحزاب ، فالعقلية الشمولية ما تزال تسحب نفسها في كثير من مجالات حياتنا .

الكلمة الأخيرة لك .. قــل ما تشاء .؟
لو قال أحدنا كلمته الأخيرة كما يعتقد كثيرون، فهذا يعني أن يتوقف لاحقاً عن الكلام ، وبالطبع ليست هذه مهمة الصحفي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق